كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 20)

أَحْمَدَ، وَالفَرَائِض وَالحسَابَ وَالهَنْدَسَةَ، وَيَشْهَدُ عِنْد القُضَاةِ، وَيَنْظرُ فِي وُقُوفِ البَيْمَارَسْتَانِ العضديّ (1) .
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: كَانَ إِمَاماً فِي فُنُوْنٍ، وَكَانَ يَقُوْلُ:
حفظتُ القُرْآنَ وَأَنَا ابْنُ سَبْعٍ، وَمَا مِنْ علمٍ إِلاَّ وَقَدْ نَظرتُ فِيْهِ، وَحصَّلْتُ مِنْهُ الكُلَّ أَوِ البَعْضَ، إِلاَّ هَذَا النَّحْوَ، فَإِنِّي قَلِيْلُ البِضَاعَةِ فِيْهِ، وَمَا أَعْلَمُ أَنِّي ضَيَّعْتُ سَاعَةً مِنْ عُمُرِي فِي لَهْوٍ أَوْ لَعِبٍ (2) .
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) : ذَكَرَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ القَاضِي أَنَّ مُنَجِّمَيْنِ حضَرَا عِنْد وِلاَدتِي، فَأَجْمَعَا عَلَى أَنَّ العُمُرَ اثنتَانِ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، فَهَا أَنَا قَدْ جَاوَزْتُ التِّسْعِيْنَ.
قُلْتُ: هَذَا يَدلُّ عَلَى حُسنِ مُعتقدِهِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (4) : وَكَانَ حَسَنَ الصُّوْرَةِ، حُلوَ المنطقِ، مليحَ المُعَاشَرَةِ، كَانَ يُصَلِّي فِي جَامِعِ المَنْصُوْر، فَيجِيْء فِي بَعْضِ الأَيَّامِ، فَيَقِفُ وَرَاءَ مَجْلِسِي وَأَنَا أَعظُ، فَيُسلِّم عليَّ.
اسْتملَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا ابْنُ نَاصرٍ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الكَثِيْرَ، وَكَانَ ثِقَةً فَهِماً، ثَبْتاً حُجَّةً، مُتفنِّناً، مُنْفَرِداً فِي الفَرَائِضِ.
قَالَ لِي يَوْماً: صَلَّيْتُ الجُمُعَةَ، وَجلَسْتُ أَنظر إِلَى النَّاسِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَودُّ أَنْ أَكُوْنَ مِثْلَهُ، وَكَانَ قَدْ سَافرَ، فَوَقَعَ فِي أَسْرِ الرُّوْمِ، وَبَقِيَ
__________
(1) الذي انشأه عضد الدولة أبو شجاع فنا خسرو بن بويه في الجانب الغربي من بغداد، ورتب فيه الاطباء والخدم، ونقل إليه من الادوية والاشربة والعقاقير شيئا كثيرا، وافتتح في صفر سنة 372 هـ.
انظر " البداية والنهاية " 11 / 299، و" تاريخ البيمارستانات في الإسلام " للدكتور أحمد عيسى ص 187 - 197، وعضد الدولة هذا مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (175) .
(2) انظر: " ذيل طبقات الحنابلة " لابن رجب 1 / 193.
(3) في " المنتظم " 10 / 92.
(4) في " المنتظم " 10 / 93، 94.

الصفحة 26