كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 21)

فَرَأَيْت مِنْهُ غَزَارَة حَفِظ لَمْ أَكن أَظنّهَا فِي عَالِم، وَلَمْ يَزَلْ يَبسطنِي، حَتَّى تَكلّمت، ثُمَّ أَمر لِي بخِلْعَة وَمَالٍ وَمركوبٍ (1) .
وَزر (2) لَهُ أَخُوْهُ عُمَر أَيَّاماً، ثُمَّ رفع مَنْزِلته عَنِ الوزَارَة، وَوَلَّى إِدْرِيْس بن جَامِعٍ، إِلَى أَنِ اسْتَأْصَلَهُ سَنَة 577، ثُمَّ وَزَرَ لَهُ وَلدُهُ يَعْقُوْب (3) الَّذِي تَسَلْطَنَ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الوَلَدِ (4) سِتَّةَ عَشَرَ ابْناً.
وَفِي وَسط أَيَّامِه خَرَجَ عَلَيْهِ سَبُعُ بنُ حَيَّانَ، وَمَزَزْدَغْ (5) فِي غُمَارَةَ (6) ، فَحَارَبَهُمَا، وَأَسَرَهُمَا، وَدَخَلَ الأَنْدَلُس فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ لِلْجِهَاد، وَيُضمر الاسْتيلاَء عَلَى باقِي الجَزِيْرَة، فَجَهَّزَ الجَيْش إِلَى مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ بنِ مَرْدَنِيْش، فَالتَقَوْا بِقُرْبِ مُرْسِيَةَ، فَانْكَسَرَ مُحَمَّد، ثُمَّ ضَايقه الموحّدُوْنَ بِمُرْسِيَة مُدَّة، فَمَاتَ، وَأَخَذَ أَبُو يَعْقُوْبَ بلاَده، ثُمَّ سَارَ فَنَازَلَ مَدِينَةَ وَبْذَى (7) ، فَحَاصَرَهَا أَشْهُراً، وَكَادُوا أَنْ يُسلموهَا مِنَ العَطشِ، ثُمَّ اسْتَسْقَوا -لَعَنَهُمُ اللهُ- فَسُقُوا، وَامْتَلأَتْ صَهَارِيجُهُم، فَرَحَلَ، وَهَادَنَ الفُنش (8) ، وَأَقَامَ بِإِشْبِيْلِيَةَ سَنَتَيْنِ وَنِصْفاً (9) ، وَدَانت لَهُ الأَنْدَلُس، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى السُّوس
__________
(1) (المعجب) : 314 - 315 وقد لخص الذهبي كلام عبد الواحد وصاغه بأسلوبه.
(2) انظر (المعجب) : 316.
(3) وبقي إلى حين وفاته سنة 580.
(4) (المعجب) : 317 وفيه أن أولاده الذكور ثمانية عشر ذكرا.
(5) كذا هي بزايين، وفي (المعجب) : (مرزدغ) براء ثم زاي، وهو أخو سبع المذكور.
(6) اسم القبيلة التي ثار فيها سبع بن حيان، وقال عبد الواحد: (والقبيلة المذكورة لا يكاد يحصرها ولا يحدها حزر لكثرتها) (ص: 325) .
(7) في (المعجب) : (وبذة) وما قيدناه ورد في أصل النسخة وعند ياقوت وابن عبد الحق.
(8) وفي (المعجب) : (الاذفنش) وهو (ألفونس) .
(9) في الأصل: (ونصف) .

الصفحة 100