كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 21)
البَكْرِيُّ، الطَّبَرَستَانِيُّ، الأُصُوْلِيُّ، المُفَسِّرُ، كَبِيْرُ الأَذكيَاءِ وَالحُكَمَاءِ وَالمُصَنِّفِيْنَ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَاشْتَغَلَ عَلَى أَبِيْهِ الإِمَامِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ خَطِيْبِ الرَّيِّ، وَانتشرَتْ تَوَالِيفُهُ فِي البِلاَدِ شرقاً وَغرباً، وَكَانَ يَتوَقَّدُ ذكَاءً، وَقَدْ سُقْتُ تَرْجَمَتَهُ عَلَى الوَجْهِ فِي (تَارِيخِ الإِسْلاَمِ) .
وَقَدْ بدَتْ مِنْهُ فِي تَوَالِيفِهِ بلاَيَا وَعظَائِمُ وَسِحْرٌ وَانحرَافَاتٌ عَنِ السُّنَّةِ، وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ، فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ عَلَى طرِيقَةٍ حَمِيدَةٍ، وَاللهُ يَتولَّى السّرَائِرَ.
مَاتَ: بِهَرَاةَ، يَوْمَ عِيْدِ الفِطْرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ بِضْعٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَقَدِ اعترَفَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، حَيْثُ يَقُوْلُ (1) :
لقد تَأَمَّلْتُ الطُّرُقَ الكَلاَمِيَّةَ، وَالمنَاهجَ الفلسفِيَّةَ، فَمَا رَأَيَّتُهَا تشفِي عليلاً، وَلاَ تروِي غليلاً، وَرَأَيْتُ أَقْرَبَ الطُّرُقِ طرِيقَةَ القُرْآنِ، أَقرَأُ فِي الإِثْبَاتِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتوَى (2) } ، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ (3) ... } ، وَأَقرَأُ فِي النَّفْي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (4) } ، وَمَنْ جَرَّبَ مِثْلَ تَجرِبَتِي عرفَ مِثْلَ مَعْرِفَتِي.
__________
(1) هذا جزء من وصيته التي أوصى بها لما احتضر لتلميذه إبراهيم بن أبي بكر الأصبهاني، وقد أوردها المؤلف في (تاريخ الإسلام) ، كما أوردها التاج السبكي في (طبقات الشافعية)
وغيره.
(2) طه / 5.
(3) فاطر / 10.
(4) الشورى / 11.
الصفحة 501
536