كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 22)
فَأَسَرَّ الطَّبِيْبُ إِلَيْهِ: إِنَّ أَخَاكَ سَيَمُوتُ.
فَمَاتَ بَعْدَ يَوْمٍ، وَاسْتَوْلَى الأَشْرَفُ عَلَى أَرْمِيْنِيَةَ.
وَكَانَ مَلِيْحَ الهَيْئَةِ، حُلوَ الشَّمَائِلِ، قِيْلَ: مَا هُزِمتْ لَهُ رَايَةٌ.
وَكَانَ لَهُ عُكُوفٌ عَلَى المَلاَهِي وَالمُسْكِرِ - عفَا الله عَنْهُ - وَيُبَالغ فِي الخُضوعِ لِلْفُقَرَاءِ وَيَزورُهُم وَيُعْطِيهِم، وَيُجِيْزُ عَلَى الشِّعرِ، وَيَبعثُ فِي رَمَضَانَ بِالحلاَوَات إِلَى أَمَاكنِ الفُقَرَاءِ، وَيُشَاركُ فِي صَنَائِعَ، وَلَهُ فَهْمٌ وَذَكَاءٌ وَسِيَاسَةٌ.
أَخرَبَ خَانَ العُقَيْبَة، وَعَمِلَهُ جَامِعاً (1) .
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (2) : فَجلَسْتُ فِيْهِ، وَحَضرَ الأَشْرَفُ، وَبَكَى، وَأَعتقَ جَمَاعَةً، وَعَمِلَ مَسْجِدَ بَابِ النَّصْرِ، وَدَارَ السَّعَادَةِ، وَمَسجدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَجَامِعَ جَرَّاحٍ، وَدَاري الحَدِيْثِ بِالبَلَدِ وَبِالسَّفحِ وَالدَّهشَةِ، وَجَامِعَ بَيْت الأَبَّارِ.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (3) : كَانَ الأَشْرَف يَحضُرُ مَجَالِسِي بِحَرَّانَ، وَبِخِلاَطٍ، وَدِمَشْقَ، وَكَانَ مَلِكاً عَفِيْفاً، قَالَ لِي: مَا مَددتُ عَيْنِي إِلَى حَرِيْمِ أَحَدٍ، وَلاَ ذَكرٍ وَلاَ أُنْثَى، جَاءتْنِي عَجُوْزٌ مِنْ عِنْدِ بِنْتِ صَاحِبِ خِلاَطٍ شَاه أَرْمَن بِأَنَّ الحَاجِبَ عَلِيّاً (4) أَخَذَ لَهَا ضَيعَةً، فَكَتَبتُ بِإِطلاَقهَا.
فَقَالَتِ العَجُوْزُ: تُرِيْدُ أَنْ تَحضُرَ بَيْنَ يَدَيْكَ.
فَقُلْتُ: بِاسْمِ اللهِ، فَجَاءتْ بِهَا، فَلَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْ قَوَامهَا، وَلاَ أَحْسَنَ مِنْ شَكلِهَا، فَخَدَمَت، فَقُمْتُ لَهَا، وَقُلْتُ: أَنْتَ فِي هَذَا البَلدِ وَأَنَا لاَ
__________
(1) قال شعيب: ولا يزال عامرا إلى يومنا هذا، ويسمى جامع التوبة، ويقع شمال الجامع الأموي، والمحلة التي فيها المسجد تسمى العقيبة.
(2) مرآة الزمان: 8 / 714.
(3) نفسه: 8 / 711 - 712.
(4) هكذا في الأصل المخطوط ومرآة الزمان، وصوابها: " عليا ".
الصفحة 124