كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 22)

وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: حَكَى لِي طبِيْبهُ، قَالَ: أَخَذَه زكَام، فَدَخَلَ الحَمَّام، وَصبّ عَلَى رَأْسه مَاء شَدِيد الحرَارَة اتِّبَاعاً لما قَالَ ابْنُ زَكَرِيَّا الرَّازَيّ (1) : إِن ذَلِكَ يَحلّ الزُّكمَة فِي الحَال، وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إِطلاَقه، قَالَ: فَانصَب مِنْ دِمَاغه إِلَى فَمِ المَعِدَةِ مَادَةٌ، فَتورمت، وَعرضت الحُمَّى، وَأَرَادَ القيءَ، فَنَهَاهُ الأَطبَّاء، وَقَالُوا: إِنْ تَقيَّأ هَلَكَ، فَخَالف، وَتَقيَّأ.
وَقَالَ الرَّضِيّ الحَكِيْم: عرضت لَهُ خوَانِيق انفقأَت، وَتَقيَّأ دماً وَمِدَّة، ثُمَّ أَرَادَ الْقَيْء ثَانِياً، فَنَهَاهُ وَالِدِي، وَأَشَارَ بِهِ آخر، فَتقيَّأ، فَانصب ذَلِكَ إِلَى قصبَة الرِّئَة سدّتهَا، فَمَاتَ.
قَالَ المُنْذِرِيّ (2) : مَاتَ بِدِمَشْقَ، فِي الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَجَب، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي تَابوت.
قُلْتُ: ثُمَّ بَعْد سَنَتَيْنِ عُمِلت لَهُ التُّرْبَة، وَفتح شُبَّاكهَا إِلَى الجَامِع.
وَخلّف ابْنَيْنِ: العَادل أَبَا بَكْرٍ، وَالصَّالِح نَجْم الدِّيْنِ، فَملّكُوا العَادل بِمِصْرَ، وَتَملّك الجَوَاد دِمَشْق، فَلَمْ تَطل مُدّتهُمَا.

86 - الأَوْحَدُ أَيُّوْبُ ابْنُ المَلِكِ العَادِلِ بنِ أَيُّوْبَ الدُّوِيْنِيُّ *
المَلِكُ الأَوْحَدُ، نَجْمُ الدُّنْيَا وَالدِّيْنِ، أَيُّوْبُ ابْنُ المَلِكِ العَادِلِ.
تَمَلَّكَ خِلاَط وَنَوَاحيهَا خَمْس سِنِيْنَ، فَظَلَمَ وَعَسَفَ وَسَفَكَ الدِّمَاءَ، فَابْتُلِيَ
__________
(1) أبو بكر محمد بن زكريا الرازي الطبيب المشهور المتوفى سنة 311.
(2) التكملة: 3 / الترجمة 2822.
(*) ذكره ابن واصل في حوادث سنة 607 من " مفرج الكروب "، وترجمه الذهبي مرتين في تاريخه الأولى سنة 607 (الورقة 46 من نسخة أيا صوفيا 3011) ، والثانية سنة 609 (في الورقة: 68 من المجلد المذكور) ، وقد تابع في الأولى ابن واصل، وسيرته في الموارد التي تناولت سيرة أبيه الملك العادل، وانظر العبر: 5 / 31.

الصفحة 131