كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 22)
الخطَائِي، فَسَارَ مَعَ ذَلِكَ الأَمِيْر إِلَى خدمَة السُّلْطَان، فَأَكْرَمَه، وَأَعْطَاهُ أَشيَاء.
قَالَ عِزّ الدِّيْنِ عَلِيّ ابْن الأَثِيْرِ (1) : كَانَ صَبُوْراً عَلَى التَّعب وَإِدمَان السَّير، غَيْر مُتَنَعِّم وَلاَ مُتَلَذِّذٍ، إِنَّمَا نَهمَته الْملك، وَكَانَ فَاضِلاً، عَالِماً بِالفِقْه وَالأُصُوْل، مُكرِماً لِلْعُلَمَاء يُحبّ منَاظرتهُم، وَيَتبرّك بِأَهْلِ الدِّيْنِ، قَالَ لِي خَادم الحُجْرَة النَّبويَّةِ: أَتيتُه فَاعْتنقنِي، وَمَشَى لِي، وَقَالَ: أَنْتَ تخْدم حُجْرَة النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قُلْتُ: نَعم، فَأَخَذَ يَدِي، وَأَمَرَّهَا عَلَى وَجهه، وَأَعْطَانِي جُمْلَةً.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (2) : أَفنَى مُلُوْكَ خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهْر، وَأَخلَى البِلاَد، وَاسْتقلَّ بِهَا، فَكَانَ سَبَباً لِهَلاَكه، وَلَمَّا نَزل هَمَذَانَ، كَاتَبَ ابْنُ القُمِّيّ نَائِبُ الوزَارَة أُمَرَاءهُ وَوعدَهُم بِالبِلاَد، فَرَامُوا قَتله، فَعرفَ، وَسَارَ إِلَى مَرْو، وَكَانَ مَعَهُ مِنَ الخَطَا سَبْعُوْنَ أَلْفاً، وَكَانَ خَاله مِنْهُم، فَنمَّ عَلَيْهِ، فَاخْتَفَى، فَنهبُوا خَزَائِنه، فَيُقَالُ: كَانَ فِيْهَا عَشْرَة آلاَف دِيْنَار، وَلَهُ عَشْرَة آلاَف مَمْلُوْك، فَرَكِبَ إِلَى جَزِيْرَةٍ هَارباً.
قُلْتُ: تَسَلَّطن فِي سَنَةِ 596.
وَقَالَ المُوَفَّقُ: كَانَ أَبُوْهُ تِكش (3) أَعْوَر قمِيئاً، كَثِيْر اللّعب بِالملاَهِي، بَعَثَ بِرَأْس طُغْرِل إِلَى بَغْدَادَ، وَطلب السّلطنَة، فَتحركت الخَطَا، فَاحتَاج أَنْ يَرِدَ خُوَارِزْمَ، فَتولَّى بَعْدَهُ ابْنه مُحَمَّد، وَكَانَ مُحَمَّدٌ شُجَاعاً، شَهْماً، مغوَاراً، غَزاءً، سعيداً، يَقطع المسَافَات الشَّاسعَة بسرعَة، وَكَانَ هَجَّاماً،
__________
(1) الكامل: 12 / 371 (بيروت) بتصرف.
(2) مرآة الزمان: 8 / 599.
(3) وجدت التاء مكسورة بخط المؤلف في غير موضع من " تاريخ الإسلام "، وقيدها محققو مفرج الكروب بالفتح وما أظنهم أصابوا.
الصفحة 140