كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 23)

وَلَوْ لَمْ يُخَالِطْهُ دَمٌ غَالَ لَوْنَهُ ... لَمَا مَالَ حَادِي الرَّكْبِ عَنْ قَصْدِ وِرْدِهِ
أَأَحْبَابَنَا هَلْ ذَلِكَ العَيْشُ رَاجِعٌ ... بِمقتبلٍ غَضِّ الصِّبَى مُسْتَجَدِّهِ؟
زَمَاناً قَضَيْنَاهُ انْتِهَاباً وَكُلُّنَا ... يَجُرُّ إِلَى اللَّذَّاتِ فَاضِلَ بُرْدِهِ
وَإِنَّ عَلَى المَاءِ الَّذِي يَرِدُوْنَهُ ... غَزَالٌ كَجِلْدِ المَاءِ رِقَّةَ جِلْدِهِ
يَغَارُ ضِيَاءُ البَدْرِ مِنْ نُوْرِ وَجْهِهِ ... وَيَخْجَلُ غُصْنُ البَانِ مِنْ لِيْنِ قَدِّهِ
وَلَهُ:
حَيَّا الحَيَا وَطَناً بِإِرْبِلَ دَارساً ... أَخْنَتْ عَلَيْهِ حَوَادِثُ الأَيَّامِ
أَقْوَتْ مَرَابِعُهُ وَأَوْحَشَ أُنْسُهُ ... وَخَلَتْ مَرَاتِعُهُ مِنَ الآرَامِ
عُنِيَ الشَّتَاتُ بِأَهْلِهِ فَتَفَرَّقُوا ... أَيدِي سَبَا فِي غَيْر دَارِ مقَامِ
إِنْ يُمْسِ قَدْ لَعِبَتْ بِهِ أَيدِي البِلَى ... عَافِي المعَاهِدِ دَارِسَ الأَعْلاَمِ
فَلَكَمْ قَضَيْتُ بِهِ لُبَانَاتِ الصِّبَى ... مَعَ فِتيَةٍ شُمِّ الأُنوفِ كِرَامِ
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : كَانَ شَرَفُ الدِّيْنِ جَلِيْلَ القَدْرِ، وَاسِعَ الكَرَمِ، مُبَادِراً إِلَى زِيَارَةِ مَنْ يَقدِمُ، مُتَقَرِّباً إِلَى قَلْبِهِ، وَكَانَ جَمَّ الفَضَائِلِ، عَارِفاً بِعِدَّةِ فُنُوْنٍ، مِنْهَا الحَدِيْثُ وَفُنُونُهُ وَأَسْمَاؤُهُ (2) ، وَكَانَ مَاهِراً فِي الآدَابِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالشِّعرِ وَأَيَّامِ العَرَبِ، بَارِعاً فِي حِسَابِ الدِّيْوَانِ.
صَنَّف شرحاً لِـ (دِيْوَان المُتَنَبِّي) وَ (أَبِي تَمَّامٍ) فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ فِي أَبيَاتِ (المُفَصَّل) مُجَلَّدَان.
سَمِعْتُ مِنْهُ كَثِيْراً، وَبِقِرَاءتِهِ، وَلَهُ (دِيْوَانُ شعرٍ) أَجَادَ فِيْهِ.
قَالَ ابْنُ الشَّعَّارِ فِي (قَلاَئِد الجُمَانِ (3)) : كَانَ الصَّاحِبُ مَعَ فَضَائِلِهِ
__________
(1) انظر وفيات الأعيان (ط: احسان عباس) 4 / 147 رقم الترجمة 554، وقد تصرف العلامة الذهبي بالعبارة على عادته.
(2) في وفيات الأعيان: واسماء رجاله.
(3) انظر نسخة اسعد افندي، رقم 2327، ج 6 الورقة 18 ب، وهو الاسم الذي ذكره مؤلفه في مقدمة كتابه.

الصفحة 51