كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: السيرة النبوية 1)

النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا عمير. قال: أدخله عليّ. فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه، فلببه به، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار: ادخلوا على رسول الله فاجلسوا عنده واحذروا عليه هذا الخبيث. ثم دخل به, فقال عليه السلام: "أرسله يا عمر، ادن يا عمير". فدنا، ثم قال: أنعموا صباحا، قال: "فما جاء بك"؟. قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم. قال: "فما بال السيف في عنقك"؟. قال: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت شيئا؟ قال: "اصدقني ما الذي جئت له". قال: ما جئت إلا لذلك. قال: "بلى، قعدت أنت وصفوان في الحجر". وقص له ما قالا. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما تأتينا به من خبر السماء، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا
وصفوان فوالله لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام. فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره". ففعلوا.
ثم قال: يا رسول الله إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله، وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله ورسوله، لعل الله أن يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم. فأذن له ولحق بمكة. وكان صفوان يعد قريشا يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن تنسيكم وقعة بدر. وكان صفوان يسأل عنه الركبان، حتى قدم راكبا فأخبره عن إسلامه، فحلف لا يكلمه أبدا ولا ينفعه بشيء أبدا. ثم أقام يدعو إلى الإسلام، ويؤذي المشركين، فأسلم على يديه ناس كثير.

الصفحة 320