كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: السيرة النبوية 1)

وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام وعد أمور الإسلام. قال: فصدقناه واتبعناه، فلما قهرونا وظلمونا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك، وآثرناك على من سواك فرغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك.
قال: فهل معك شيء مما جاء به عن الله؟ قال جعفر: نعم فقرأ: {كهيعص} .
قالت: فبكى النجاشي وأساقفته حتى أخضلوا لحاهم، حين سمعوا القرآن.
فقال النجاشي: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة. انطلقا, فوالله لا أسلمهم إليكما أبدا.
قالت: فلما خرجنا من عنده، قال عمرو بن العاص: والله لآتينه غدا بما أستاصل به خضراءهم. فقال له ابن أبي ربيعة؛ وكان أتقى الرجلين فينا: لا تفعل، فإن لهم أرحاما، وإن كانوا قد خالفونا. قال: فوالله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى عبد.
قالت: ثم غدا عليه، فقال: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما. فأرسل إلينا ليسألنا. قالت: ولم ينزل بنا مثلها.
فقال: ما تقولون في عيسى؟
فقال جعفر: نقول فيه الذي جاء به نبينا: عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فضرب النجاشي بيده إلى الأرض، وأخذ منها عودا، وقال: ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا المقدار.
قال: فتناخرت بطارقته حين قال ما قال، فقال: وإن نخرتم

الصفحة 366