كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: السيرة النبوية 1)

وقال:
طحنت رحى بدر لمهلك أهلها
الأبيات.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوما: "من لكعب بن الأشرف؟ فقد آذانا بالشعر وقوى المشركين علينا". فقال محمد بن مسلمة: أنا يا رسول الله. قال: "فأنت". فقام فمشى ثم رجع فقال: إني قائل. فقال: قل فأنت في حل. فخرج محمد، بعد يوم أو يومين، حتى أتى كعبا وهو في حائط فقال: يا كعب، جئت لحاجة، الحديث.
وقال ابن عيينة: قال عمرو بن دينار: سمعت جابرا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله"؟. فقام محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله، أعجب إليك أن أقتله؟ قال: "نعم". قال: فأذن لي أن أقول شيئا. قال: قل. فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وقد عنانا، وإني قد أتيتك أستسلفك. قال: وأيضا لتملنه. قال: إنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه, وقد أردنا أن تسلفنا. قال: ارهنوني نساءكم. قال: نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبناءكم. قال: كيف نرهنك أبناءنا فيقال رهن بوسق أو وسقين؟ قال: فأي شيء؟ قال: نرهنك اللأمة. فواعده أن يأتيه ليلا، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة، وهو أخو كعب من الرضاعة، فدعاه من الحصن فنزل إليهم، فقالت له امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟ قال: إنما هو أخي أبو نائلة ومحمد بن مسلمة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب. قال محمد: إذا ما جاء فإني قائم بشَعْرِه فأشمه ثم أشمكم، فإذا رأيتموني أثبتُّ يدي فدونكم, فنزل إليهم متوشحا، وهو ينفح منه ريح الطيب،

الصفحة 387