كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: السيرة النبوية 1)

مصرعك هذا يا دبيس، ولعمر الله إن كنت لواصلا للرحم برا بالوالد.
ووجدوا حمزة بن عبد المطلب قد بُقِرَ بطنه وحُمِلَت كبده، احتملها وحشي وهو الذي قتله، فذهب بكبده إلى هند بنت عتبة في نذر نذرته حين قتل أباها يوم بدر. فدفن في نمرة كانت عليه، إذا رفعت إلى رأسه بدت قدماه، فغطوا قدمية بشيء من الشجر.
وقال الزهري: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "زملوهم بدمائهم, فإنه ليس أحد يكلم في الله إلا وهو يأتي يوم القيامة وجرحه يدمي, لونه لون الدم وريحه ريح المسك".
وقال: إن المشركين لن يصيبوا منا مثلها. وقد كان أبو سفيان ناداهم حين ارتحل المشركون: إن موعدكم الموسم, موسم بدر. وهي سوق كانت تقوم ببدر كل عام, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا له: نعم".
قال: ودخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وإذا النَّوْح في الدور. قال: "ما هذا"؟. قالوا: نساء الأنصار يبكين قتلاهم. وأقبلت امرأة تحمل ابنها وزوجها على بعير، قد ربطتهما بحبل ثم ركبت بينهما, وحُمِلَ قتلى، فدفنوا في مقابر المدينة، فنهاهم عن ذلك وقال: "واروهم حيث أصيبوا".
وقال لما سمع البكاء: "لكن حمزة لا بواكي له". واستغفر له، فسمع ذلك سعد بن معاذ وابن رواحة وغيرهما، فجمعوا كل نائحة وباكية بالمدينة، فقالوا: والله لا تبكين قتلى الأنصار حتى تبكين عم رسول الله

الصفحة 410