كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: السيرة النبوية 1)

ما عليك أن تكون في النظارة حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا, فوالله لولا أني أترك بنات لي بعدي لأحببت أن تقتل بين يدي فبينما أنا في النظارين إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عادلتهما على ناضح، فدخلت بهما المدينة لتدفنهما في مقابرنا، فجاء رجل ينادي: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها فبينما أنا في خلافة معاوية، إذ جاءني رجل فقال: يا جابر، قد والله أثار أباك عمال معاوية فبدت طائفة منه قال: فأتيته فوجدته على النحو الذي تركته لم يتغير منه شيء إلا ما لم يدع القتيل، فواريته.
وقال حسين المعلم، عن عطاء عن جابر، قال: لما حضر أحد قال أبي: ما أراني إلا مقتولا، وإني لا أترك بعدي أعز عليَّ منك غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن عليَّ دينا فاقض واستوص بأخواتك خيرا فأصبحنا فكان أول قتيل فدفنت معه آخر في قبر، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه.
أخرجه البخاري.
وقال الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب ثم يقول: أيهما أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا. أخرجه البخاري عن قتيبة عن الليث عنه.
وقال أيوب، عن حميد بن هلال عن هشام بن عامر قال: قالوا يوم أحد: يا رسول الله قد أصابنا قرح وجهد فكيف تأمر؟ قال: "احفروا

الصفحة 432