كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: السيرة النبوية 1)

وبجهام قد هراق ماءه
برعد وبرق ليس فيه شيء، يا حيي فدعني وما أنا عليه فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء.
فلم يزل حيي بكعب حتى سمح له بأن أعطاه عهدا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك. فنقض كعب عهده وبرئ مما كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
ولما انتهى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، سيدا الأنصار، ومعهما عبد الله بن رواحة وخوات بن جبير، فقال: "انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء؟ فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه، ولا تفتوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس". فخرجوا حتى أتوهم فوجدوهم على أخبث ما بلغهم، فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه، وكان فيه حدة، فقال له ابن عبادة: دع عنك مشاتمتهم، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة ثم رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه، وقالوا: عَضل والقَارة، أي كغدر عَضل والقارة بأصحاب الرجيع خُبيب وأصحابه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر! أبشروا يا معشر المسلمين". فعظم عند ذلك الخوف.
قال الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: 10، 11] .
وتكلم المنافقون حتى قال معتب بن قُشير أحد بني عمرو بن عوف: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على

الصفحة 491