كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: السيرة النبوية 1)

معك على من بقي منهم حتى نستأصلهم فأرسل إليهم: نعم. فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون رهنا منكم من رجالكم فلا تفعلوا.
ثم خرج فأتى غطفان، فقال: يا معشر غطفان أنتم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إليَّ، ولا أراكم تتهموني. قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتهم. قال: فاكتموا عني. قالوا: نفعل.
ثم قال لهم مثل ما قال لقريش، وحذرهم ما حذرهم.
فلما كانت ليلة السبت من شوال، وكان من صنع الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرسل أبو سفيان ورءوس غطفان، إلى بني قريظة، عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان, فقالوا: إنا لسنا بدار مقام، قد هلك الخف والحافر، فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا. فأرسلوا إليهم الجواب أن اليوم يوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه شيئا، وقد كان بعضنا أحدث فيه حدثا فأصابه ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا، فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا، ولا طاقة لنا بذلك.
فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة، قالت قريش وغطفان: والله لقد حدثكم نعيم بن مسعود بحق. فأرسلوا إلى بني قريظة: إنا والله ما ندفع إليكم رجلا من رجالنا, فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا.
فقالت بنو قريظة حين انتهت إليهم الرسل بهذا: إن الذي ذكر لكم نعيم لحق، ما يريد القوم إلا أن يقاتلون، فإن رأوا فرصة انتهزوها، وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم. فأرسلوا إلى قريش وغطفان: إنا والله لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا. فأبوا عليهم. وخذل الله بينهم.

الصفحة 496