كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وينقاد لحُكْمِه، ولا يكون عنده حرجٌ منه، فليس بمؤمنٍ (¬١) ـ قد أخبر الأُمة عن الله وأسمائه وصفاته بما الحقُّ في خلاف ظاهره، والهُدى في إخراجه عن حقائقه، وحمله على وحشي اللغات ومستكرَهات التأويل، وأنَّ حقائقه ضلالٌ وتشبيهٌ وإلحادٌ، والهدى والعلم في مجازه وإخراجه عن حقائقه، وإحالة (¬٢) الأُمة فيه على آراء المتحيرين وعقول المتهوِّكين (¬٣)؛
فيقول: إذا أخبرتكم عن الله وصفاته العلى بشيءٍ فلا تعتقدوا حقيقته، وخذوا معرفة مُرادي به من آراء الرجال ومعقولها؛ فإن الهدى والعلم فيه.
والدِّين إذا أُحِيلَ (¬٤) على تأويلات المتأولين انتقضتْ عُرَاه كلها، ولا تشاء طائفةٌ من طوائف أهل الضلال أن تتأول النصوص على مذهبها إلَّا وجدت السبيل إليه، وقالت لمن فتح لها باب التأويل: إنَّا تأولنا كما تأولتم، والنصوص أخبرتْ بما تأوَّلناه، كما أخبرتْ بما تأولتموه، فما الذي جعلكم في تأويلكم مأجورين، وجعلَنا عليه مأزورين (¬٥)؟ والذي قادكم إلى التأويل
---------------
(¬١) بعده في «ح»: «لأن الرسول عنده». وأراها زائدة. وقوله: «وأنَّ من لم يُحَكِّمْه في كل ما ينازع فيه المتنازعون وينقاد لحُكْمِه ولا يكون عنده حرج منه فليس بمؤمنٍ». كذا وقع في النسختين وفي «المختصر»، وفيه إشكال، والمعنى المراد ظاهر، مقتبَس من قوله تعالى: {* فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٤].
(¬٢) «ح»: «وأحال».
(¬٣) التهوك كالتهور، وهو الوقوع في الأمر بغير روية، والمتهوك: الذي يقع في كل أمر، وقيل: هو التحير .. «النهاية في غريب الحديث» (٥/ ٢٨٢).
(¬٤) «إذا أحيل». سقط من «ح».
(¬٥) «ب»: «مأزورين عليه».

الصفحة 10