كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قابلون له. ومَن حملَ (¬١) الآية على العيون والجواسيس فقوله ضعيفٌ لوجوهٍ كثيرةٍ، ليس هذا موضعها.
وكما كان أصحاب مسيلِمة يقولون: إنه شريكه في الطاعة، وإنه يُقبَل منه كما يُقبَل من النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وكان عبد الله بن أُبَيٍّ يقدم سياسته ورأيه على ما جاء به أحيانًا، ويغضب إذا لم يسمع منه، ويغضب له قومه.
وكذلك رئيس الخوارج السَّجَّاد العَبَّاد الذي بين عينيه أثر السجود، قدَّم عقله وزايَدَ على ما جاء به في قسمة المال، وزعم أنه لم يعدل فيها (¬٢).
وكذلك غُلاة الرافضة قدَّموا عقولهم وآراءهم على ما جاء به، وزعموا أنه لم يعدل حيث أمَرَ أبا بكر أن يصلي بالناس (¬٣) وابنُ عمِّه حاضر، ولم يعدل حيث أثنى على أبي بكر وعمر وعظَّمهما، فأوجبَ (¬٤) أن الأمة بعده وَلَّوهما دون ابن عمِّه.
وكذلك الجهمية، قدَّموا عقولهم وآراءهم على ما جاء به، وزعموا أنه لم يعدل في العبارة، حيث عدل عن العبارة التي عبَّرُوا هم بها عن الله سبحانه، وعبَّر بما أوقع الأمةَ في اعتقاد التشبيه والتجسيم، وحمَّلَهم كلفةَ التأويل وجشَّمهم مشقتَه، وأوقع الخلافَ بين الأُمة بتلك العبارات التي عباراتهم
---------------
(¬١) «ح»: «حلى». ولعل المثبت هو الصواب.
(¬٢) أخرجه البخاري (٣١٥٠) ومسلم (١٠٦٢) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(¬٣) أخرجه البخاري (٦٦٤) ومسلم (٤١٨) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -.
(¬٤) «ح»: «أوجب».

الصفحة 120