كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ولا تحته ولا خلفه ولا أمامه، بقوله: {قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١]، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ٩]. وأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - إفهامَ أُمته هذا المعنى بقوله: «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بن مَتَّى» (¬١).
وأراد إفهامَ كَوْنه خَلَقَ آدم بقدرته ومشيئته بقوله: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٤].
وأراد إفهام تخريب السماوات والأرض وإعادتها إلى العدم بقوله: «يَقْبِضُ اللَّهُ سَمَاوَاتِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، وَالْأَرْضَ بِالْيَدِ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ» (¬٢).
وأراد إفهام معنى: مَنْ ربُّك؟ ومَنْ تعبد؟ بقوله: «أَيْنَ اللهُ؟» (¬٣) وأشار بإصبعه إلى السماء مستشهِدًا بربه (¬٤)، وليس هناك ربٌّ ولا إلهٌ، وإنما أراد إفهام السامعين أن الله قد سمع قولَه وقولهم، فأراد بالإشارة بإصبعه بيان كَوْنه قد سمع قولهم.
---------------
(¬١) أخرج البخاري (٣٢١٥) ومسلم (٢٣٧٦) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: «لا يَنبغِي لِعبدٍ أن يقولَ: أنا خيرٌ مِن يُونُسَ بن مَتَّى». ولم نقف عليه باللفظ الذي ذكره المصنِّف - رحمه الله - إلَّا في «الشفاء» للقاضي عياض (١/ ٢٦٥) دون سند، وتبعه غير واحد، وقال السيوطي في «مناهل الصفا» (ص ٧٥): «لم أقف عليه بهذا اللفظ». وقال السخاوي في «الأجوبة المرضية» (٢/ ٤٢٩) نحوه.
(¬٢) تقدم تخريجه.
(¬٣) أخرجه مسلم (٥٣٧) عن معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه -.
(¬٤) أخرجه مسلم (١٢١٨) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - في حديث حجة الوداع الطويل.

الصفحة 124