كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وأمثال ذلك من التأويلات الباطلة:
كقول بعضهم في معنى قوله: «عامَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أهلَ خيبرَ على شَطرِ ما يخرج منها مِن ثمرٍ وزرعٍ» (¬١): إن معناه ضرَبَ عليهم الجزيةَ. وهذا كذبٌ على اللفظ، وكذبٌ على الرسول؛ فإنه ليس ذلك معنى اللفظ، وأهلُ خيبر لم يضرب عليهم الجزيةَ؛ لأنه صالَحَهم وفتحَها قبل نزول فرْضِ الجزية.
وكتأويل بعضهم قولَه - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» (¬٢) أن المراد به الْتِقامُ الثدي من غير ارتضاع اللبن ودخوله إلى جوفه.
إلى أضعافِ أضعافِ ذلك من التأويلات الباطلة التي يعلم السامعُ قطعًا أنها لم تُرَد بالخطاب بقصد المتكلم لها بتلك الألفاظ الدالة على نقيضها من كل وجهٍ لا يجامع (¬٣) قصدَ البيان والدلالة (¬٤).
قال شيخ الإسلام (¬٥): «إن كان الحقُّ فيما يقوله هؤلاء النُّفاة الذين لا يُوجد ما يقولونه في الكتاب والسُّنَّة، وكلام القرون الثلاثة المعظَّمة على سائر القرون، ولا في كلام أحدٍ من أئمة الإسلام المقتدَى بهم؛ بل ما في الكتاب والسُّنَّة وكلام السلف والأئمة يوجد دالًّا (¬٦) على خلاف الحق عندهم، إمَّا نصًّا وإمَّا ظاهرًا، بل دالًّا عندهم على الكفر والضلال = لَزِمَ من
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٢٣٢٨) ومسلم (١٥٥١) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -.
(¬٢) أخرجه مسلم (١٤٥٠) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -.
(¬٣) كذا في «ح»، والسياق غير بينٍ، فلعله قد سقط شيء.
(¬٤) «ح»: «والدالة».
(¬٥) لم أقف على هذا الكلام الرائع لشيخ الإسلام في كتبه التي تحت يدي.
(¬٦) «ح»: «وإلا».

الصفحة 125