كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

لمجرد التلاوة وانعقاد الصلاة عليه، بل أُنزل ليُتدبَّر ويُعقَل، ويُهتدى (¬١) به علمًا وعملًا، ويُبصِّر من العمى، ويُرشِد من الغي، ويُعلِّم من الجهل، ويَشفِي من العِيِّ (¬٢)، ويهدي إلى صراط مستقيم. وهذا القصدُ ينافي قصدَ تحريفه وتأويله بالتأويلات الباطلة المستكرَهة، التي هي مِن جنس الألغاز والأحاجي، فلا يجتمع قصدُ الهدى والبيان وقصدُ ما يضاده أبدًا، وبالله التوفيق» (¬٣).
وممَّا (¬٤) يُبَيِّنُ ذلك أنَّ الله تعالى وصف كتابَه بأوضح البيان وأحسن التفسير، فقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ اَلْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩]، وقال: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ اَلْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ اُلَّذِي اِخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: ٦٤]. فأين بيانُ المختلَف فيه والهدى والرحمة في ألفاظٍ ظاهرها باطلٌ، والمراد منها يُطلب بأنواع التأويلات المستنكَرة المستكرَهة لها، التي (¬٥) لا تُفهَم منها بل (¬٦) يُفهَم منها ضدُّها.
وقال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ اَلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]؟ فأين بيَّن (¬٧) الرسولُ ما يقوله النُّفاة والمتأوِّلون؟
---------------
(¬١) «ح»: «يهدى». والمثبت من «م».
(¬٢) «ح»: «الغي». والمثبت من «م».
(¬٣) آخر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فيما يبدو.
(¬٤) «ح»: «وما». والمثبت من «م».
(¬٥) «ح»: «الذي». والمثبت من «م».
(¬٦) «تفهم منها بل» سقط من «ح». وأثبته من «م».
(¬٧) «ح»: «يبين». والمثبت من «م».

الصفحة 128