كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقد قال تعالى: {وَاَللَّهُ يَقُولُ اُلْحَقَّ وَهْوَ يَهْدِي اِلسَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤]، فأخبر أنه يقول الحقَّ ويهدي السبيل بقوله، وعند النُّفاة إنما (¬١) حصلت الهداية بأبكار أفكارهم، ونتائج آرائهم وعقولهم.
وقال تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٨٥]، وقال: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اَللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: ٥]. وعند النُّفاة المُخرِجين لنصوص الوحي عن إفادة اليقين إنَّما حصل (¬٢) الإيمانُ بالحديث الذي أسَّسه الفلاسفة والجهمية والمعتزلة ونحوهم، فبه آمنوا وبه اهتدوا، وبه عرفوا الحقَّ من الباطل، وبه صحَّت عقولهم ومعارفهم.
وقال تعالى (¬٣): {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اِللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨١]. وأنت لا تجد الاختلاف في شيءٍ أكثرَ منه في آراء المتأولين وسوانح أفكارهم وزبالة أذهانهم (¬٤)، التي يُسمونها قواطع عقلية وبراهين يقينية، وهي عند (¬٥) التحقيق خيالاتٌ وهمية وقوادحُ فكرية، نبذوا بها القرآن والسُّنَّة وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، واتبعوا ما {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ اَلْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٣) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ اُلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا
---------------
(¬١) «ح»: «إذا». والمثبت من «م».
(¬٢) بعده في «ح»: «له». وليست في «م».
(¬٣) عند قوله تعالى {وَلَوْ} انتهى السقط الطويل الواقع في «ب»، الذي بدأ في أثناء الفصل التاسع.
(¬٤) «ح»: «رذالة أوهامهم».
(¬٥) «ب»: «عين».

الصفحة 129