كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

السماء، وأنه ذو المعارج، وأنه رفيع الدرجات، وأنه تعرُجُ إليه الملائكةُ وتنزل مِن عنده، وأنه ينزل إلى سماء الدنيا، وأن المؤمنين يرونه بأبصارهم عيانًا مِن فوقهم، إلى أضعاف أضعاف (¬١) ذلك، ممَّا لو جُمعت النصوصُ والآثار فيه لم تنقص عن نصوص الأحكام وآثارها.
ومن أَبْيَنِ المحال وأوضح الضلال حملُ ذلك كله على خلاف حقيقته وظاهره، ودعوى المجاز فيه والاستعارة، وأن الحق في أقوال النُّفاة المعطِّلين، وأن تأويلاتهم هي المرادة من هذه النصوص؛ إذ يلزم من (¬٢) ذلك أحدُ محاذيرَ ثلاثةٍ، لا بد منها أو من بعضها، وهي: القدحُ في علم المتكلم بها، أو في بيانه، أو في نُصحه.
وتقرير ذلك أنه يقال: إمَّا أن يكون المتكلم بهذه النصوص عالمًا أن الحق في تأويلات النُّفاة المعطِّلين أو لا يعلم ذلك. فإن لم يعلم ذلك ـ والحقُّ فيها (¬٣) ـ كان ذلك قدحًا (¬٤) في علمه. وإن كان عالمًا أن الحق فيها فلا يخلو؛ إمَّا أن يكون قادرًا على التعبير بعباراتهم ـ التي هي تنزيهٌ لله بزعمهم عن التشبيه والتمثيل والتجسيم، وأنه لا يعرف اللهَ مَن لم ينزِّهه بها ـ أو (¬٥) لا يكون قادرًا على تلك العبارات. فإن لم يكن قادرًا على التعبير بذلك لزم القدحُ في فصاحته، وكان ورثةُ الصابئة وأفراخ الفلاسفة وأوقاح المعتزلة
---------------
(¬١) «أضعاف» ليس في «ب».
(¬٢) «من» سقط من النسختين، وأثبته من «م».
(¬٣) «ب»: «فيهما».
(¬٤) في «ح»: «قد جاء».
(¬٥) «ح»: «إذ».

الصفحة 133