كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

والغباوة، وذلك من أقبح السبِّ. وإن كان عالمًا به رائيًا له مشاهدًا لما يفعله فإمَّا أن يَقدِر على الأخذ على يديه ومنعه من ذلك أو لا.
فإن قلتم: إنه غير قادرٍ على منعه والأخذ على يده (¬١) نسبتموه إلى العجز والضعف.
وإن قلتم: بل هو قادر على منعه ولم يفعل نسبتموه إلى السفه والظلم والجور.
هذا، وهو مِن حين ظهرَ إلى أن توفاه ربُّه يُجيب دعواتِه ويقضي حاجاتِه، ولا يسأله حاجةً إلَّا قضاها له، ولا يدعوه بدعوةٍ إلَّا أجابها له، ولا يقوم له عدوٌّ إلَّا ظفر به، ولا تقوم له رايةٌ إلَّا نصرها، ولا لواء إلَّا رفعه، ولا مَن يُناوِئه ويعاديه إلَّا بتره ووضعَه. فكان أمرُه مِن حين ظهر إلى أن تُوفي يزداد على الأيام والليالي ظهورًا وعلوًّا ورفعةً، وأمرُ مخالفيه لا يزداد إلَّا سُفولًا واضمحلالًا. ومحبتُه في قلوب الخلق تزيد على ممر الأوقات، وربه تعالى يؤيده بأنواع التأييد، ويرفع ذِكره غايةَ الرفع. هذا، وهو عندكم من أعظم أعدائه وأشدهم ضررًا على الناس، فأيُّ (¬٢) قدحٍ في ربِّ العالمين، وأيُّ مسبةٍ له، وأيُّ طعنٍ فيه أعظمُ من ذلك!
فأخذ الكلام منه مأخذًا ظهرَ عليه، وقال: حاشَ لله أن نقول فيه هذه المقالة، بل هو نبيٌّ صادقٌ، كلُّ مَنِ اتبعه فهو سعيدٌ، وكلُّ منصِفٍ منَّا يُقرُّ بذلك، ويقول: أتباعه سُعداء في الدارين.
---------------
(¬١) «والأخذ على يده». في «ح»: «ولم يفعل».
(¬٢) «ح»: «وأي».

الصفحة 136