كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ليحملوا عليه آيات الصِّفات وأخبارها، فيصرفوا قلوبهم وأفهامهم عمَّا تدل عليه، ويفهموا منها ما لا تدل عليه، بل تدل على خلافه.
ويقول: اعلموا يا عبادي أني أردتُ منكم أن تعلموا أني لست فوق العالَم ولا تحته، ولا فوق عرشي، ولا ترفع الأيدي إليَّ، ولا يعرُجُ إليَّ شيءٌ، ولا ينزل من عندي شيءٌ من قولي: {اَلرَّحْمَنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى} [طه: ٤]، ومن قولي: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ} [النحل: ٥٠]، ومن قولي: {تَعْرُجُ اُلْمَلَائِكَةُ وَاَلرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤]، ومن قولي: {بَل رَّفَعَهُ اُللَّهُ إِلَيْهِ} (¬١) [النساء: ١٥٧]، ومن قولي: {رَفِيعُ اُلدَّرَجَاتِ ذُو اُلْعَرْشِ} [غافر: ١٤] ومن قولي: {وَهْوَ اَلْعَلِيُّ اُلْعَظِيمُ} [البقرة: ٢٥٣]، ومن قولي: {سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى} [الأعلى: ١]، ومن قولي: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (٢١) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢١ - ٢٢]، ومن قولي: {* آامِنتُم مَّن فِي اِلسَّمَاءِ اَن يَخْسِفَ بِكُمُ اُلْأَرْضَ} [الملك: ١٧]، ومن قولي: {تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤١]، ومن قولي: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ اُلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: ١٠٢]. وأن تفهموا أنه ليس لي يدانِ من قولي: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٤]، ومن قولي: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٦]، ولا عين من قولي: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِيَ} [طه: ٣٩]. فإنكم إذا فهمتم من هذه [ق ١٥ ب] الألفاظ حقائقَها وظواهرها فهمتم خلاف مرادي منها، بل مرادي منكم أن تفهموا منها ما يدل على خلاف حقائقها وظواهرها.
فأي تيسيرٍ يكون هناك! وأي تعقيدٍ وتعسيرٍ لم يحصل بذلك! ومعلوم أن خطاب الرجل بما لا يفهمه إلَّا بترجمة أيسرُ عليه من خطابه بما كُلِّف أن
---------------
(¬١) «ومن قوله {بَل رَّفَعَهُ اُللَّهُ إِلَيْهِ}» ليس في «ب».

الصفحة 140