كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

إِنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْكَلَامِ دَلِيلَا
والمقصود أن العبد لا يعلم ما في ضمير (¬١) صاحبه إلَّا بالألفاظ الدالة على ذلك، فإذا حمل السامعُ كلامَ المتكلم على خلاف ما وُضع له وخلاف ما يُفهم منه عند التخاطب (¬٢) عاد على مقصود اللغات بالإبطال، ولم يحصل مقصود المتكلم، ولا مصلحة (¬٣) المخاطَب، وكان ذلك أقبحَ من تعطيل (¬٤) اللسان عن كلامه، فإن غاية ذلك أن تفوت مصلحة البيان، وإذا حُمل على ضد مقصوده فوَّتَ مصلحة البيان، وأوقع في ضد المقصود. ولهذا قال بعض العقلاء: اللسان الكذوب شرٌّ من اللسان (¬٥) الأخرس، لأن اللسان (¬٦) الأخرس قد تعطلت منفعته، ولم يحدث منه فسادٌ، ولسان الكذوب قد تعطلت منفعته، وزاد بمفسدة الكذب. فالمتكلم بما ظاهره وحقيقته ووضعُه
---------------
(¬١) «ح»: «ضميره».
(¬٢) «ح»: «المخاطب».
(¬٣) «ح»: «مصالحة».
(¬٤) «ح»: «تعليل».
(¬٥) «ب»: «لسان».
(¬٦) «ب»: «لسان».

الصفحة 149