كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

باطلٌ وضلالٌ ـ وهو يريد به أن يفهم منه خلاف وضعه وحقيقته ـ أضرُّ على المخاطَب، ولسان الأخرس أقل مفسدةً منه. فترك وضع اللغات أنفعُ للناس (¬١) من تعريضها للتأويل المخالف لمفهومها وحقائقها. وهكذا كل عضوٍ خُلق لمنفعة إذا لم يحصل منه إلَّا ضد تلك المنفعة كان عدمه خيرًا من وجوده.
يوضح (¬٢) ذلك أن المتكلم بكلامٍ ـ له حقيقةٌ وظاهرٌ [ق ١٦ ب] لا يُفهم منه غيره ـ مريدٌ بكلامه حقيقته وما يدل عليه ويُفهم (¬٣) منه. فإذا ادَّعى أني أردتُ بكلامي خلاف ظاهره وما يُفهم منه كان كاذبًا؛ إمَّا في دعوى إرادة ذلك، أو في دعوى إرادة (¬٤) البيان والإفهام؛ فحملُ كلامه على التأويل الباطل تكذيبٌ له في أحد الأمرين ولا بد.
ولهذا كان التأويل الباطل فتحًا لباب الزندقة والإلحاد، وتطريقًا لأعداء الدِّين على نقضه، وبيانه بذكر (¬٥):
* * * * *
---------------
(¬١) «ح»: «للإنسان».
(¬٢) «ح»: «أوضح».
(¬٣) «ح»: «ما يفهم».
(¬٤) «ح»: «إرادته».
(¬٥) في النسختين: «يذكر».

الصفحة 150