كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ولا نعيم إلَّا بأن يعرفوه ويعبدوه (¬١)، ويكون هو وحدَه غاية مطلوبهم، ونهاية مرادهم؛ وذِكرُه والتقرب (¬٢) إليه قرةُ عيونهم وحياة قلوبهم. فمتى فَقَدُوا ذلك كانوا أسوأ حالًا من الأنعام بكثيرٍ، وكانت الأنعام أطيب عيشًا منهم في العاجل، وأسلم عاقبة في الآجل.
وإذا عُلم أن ضرورة العبد إلى معرفة ربِّه ومحبته وعبادته والتقرب إليه فوق كل ضرورة، كانت الطُّرقُ المُعرِّفةُ لهم ذلك أيسرَ طرق العلم على الإطلاق وأسهلها وأهداها وأقربها، وبيانُ الربِّ تعالى لها فوق كل بيان. فإذا سُلِّط التأويل على النصوص المشتملة عليها فتسليطه (¬٣) على النصوص التي ذُكِرَت فيها الملائكة أقربُ بكثيرٍ.
يُوضحه أن الربَّ تعالى لم يذكر للعباد من صفات ملائكته وشأنهم وأفعالهم وأسمائهم عُشر مِعْشار ما ذَكَر لهم من نعوت جلاله وصفات كماله وأسمائه وأفعاله. فإذا كانت هذه قابلة للتأويل فالآيات التي ذُكِرَت فيها الملائكة أَوْلى بقبوله (¬٤). ولذلك تأولها (¬٥) الملاحدةُ، كما تأولوا نصوص المعاد واليوم الآخر، وأبدَوْا له تأويلات ليست بدون تأويلات الجهمية لنصوص الصِّفات. وأوَّلت هذه الطائفةُ عامة نصوص الأخبار الماضية والآتية، وقالوا للمتأولين من الجهمية: بيننا وبينكم حاكمُ العقل، فإن القرآن بل الكتب المنزلة مملوءة بذكر
---------------
(¬١) «ح»: «ويعتقدوه».
(¬٢) «ح»: «والقرب».
(¬٣) «ح»: «فتسلطه».
(¬٤) «ب»: «بقوله».
(¬٥) «ب»: «تأولتها».

الصفحة 163