كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الفوقية وعلو الله تعالى على عرشه، وأنه تكلَّم (¬١) ويتكلم، وأنه موصوف بالصفات، وأن له أفعالًا تقوم به (¬٢) هو بها فاعلٌ، وأنه يُرى بالأبصار، إلى غير ذلك من نصوص الصِّفات، التي إذا قِيسَ إليها نصوص حَشْرِ هذه الأجساد وخراب هذا العالم وإعدامه وإنشاء عالَم آخر، وُجدت نصوصُ الصِّفات أضعافَ أضعافها، فهذه الآيات والأخبار الدالة على علو الربِّ تعالى على خلقه وفوقيته واستوائه على عرشه قد قيل إنها تُقارِبُ الألفَ، وقد أجمعت عليها الرسلُ من أولهم إلى آخرهم. فما الذي سوَّغَ لكم تأويلها، وحرَّمَ علينا تأويل (¬٣) نصوص حشْرِ الأجساد وخراب العالَم؟
فإن قلتم: الرُّسل أجمعوا على المجيء به، فلا يمكن تأويله.
قيل: وقد أجمعوا على أن الله فوق عرشه، وأنه متكلمٌ مُكلَّمٌ، فاعلٌ حقيقةً، موصوف بالصفات، فإنْ مُنِعَ إجماعهم هناك من التأويل وَجَبَ أن يمنع هاهنا.
فإن قلتم: العقل أوجبَ تأويلَ نصوص الصِّفات، ولم يوجب (¬٤) تأويل نصوص المعاد.
قلنا: هاتوا أدلة العقول التي تأولتم بها الصِّفات، ونحضر نحن أدلة العقول التي تأولنا بها المعاد وحشْرَ الأجساد، ونوازن بينها ليتبَّينَ أيها (¬٥) أقوى.
---------------
(¬١) «ح»: «يكلم».
(¬٢) «ب»: «يقوم».
(¬٣) «تأويل» سقط من «ح».
(¬٤) «ح»: «يجب».
(¬٥) «ح»: «لتبيين أنها».

الصفحة 164