كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

كل واحدٍ منكم به (¬١)؟! فيا للعجب من أوراق وقلوب تُسَوَّد على هذه الهذيانات، وتجد لها حاملًا وقابلًا يستحسنها ويُصغِي بقلبه وسمعِه إليها!
والصواب في ذلك أن يقال: إن آدم صلوات الله وسلامه عليه لما قاسَمَه عدو الله أنه ناصحٌ، وأخرج الكلام على أنواع متعددة من التأكيد:
أحدها: القَسَم.
الثاني: الإتيان بالجملة اسميةً لا فعلية.
الثالث: تصديرها بأداة التأكيد.
الرابع: الإتيان بلام التأكيد في الخبر.
الخامس: الإتيان به اسمَ فاعلٍ لا فعلًا دالًّا على الحدث.
السادس: تقديم المعمول على العامل فيه (¬٢).
ولم يكن آدم يظن أن أحدًا يُقسِم بالله كاذبًا يمينَ غَموسٍ يتجرأ فيها على الله هذه الجرأة، فغرَّه عدو الله بهذا التأكيد والمبالغة، فظن آدم صِدقَه، وأنه إنْ أكل منها لم يخرج من الجنة، ورأى أن الأكل ـ وإن كان فيه مفسدة ـ فمصلحة الخلود أرجحُ، ولعله يتأتى له استدراك مفسدة النهي في أثناء ذلك، إمَّا باعتذارٍ، وإمَّا بتوبةٍ، وإمَّا بغير ذلك. كما تجد هذا التأويل قائمًا في نفس كل مَن يؤمن بالله واليوم الآخر إيمانًا لا شك فيه؛ إذا أقدم على المعصية؛ فوازِنْ بين هذا التأويل وبين تأويلات المحرِّفين يظَهْر لك الصوابُ من الخطأ. والله الموفِّق للصواب.
---------------
(¬١) «به» ليس في «ب».
(¬٢) «فيه» ليس في «ب».

الصفحة 169