كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

نَادَيْنَا} [القصص: ٤٦]، و {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ اِلْمُقَدَّسِ} (¬١) [النازعات: ١٦] ونظائرها، ولم يجئ في موضعٍ واحدٍ: «أمرْنا مَن يناديه» ولا «ناداه مَلَكُنا»، فتأويله بذلك عينُ المُحالِ والباطل.
ونظير ذلك اطِّراد قوله: «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ ... » (¬٢) في نحو ثلاثين حديثًا كلها مصرِّحةٌ بإضافة النزول إلى الربِّ، ولم يجئ موضعٌ واحدٌ بقوله: «ينزل مَلَكُ ربنا»، حتى يُحمَلَ ما خرج عن نظائره عليه.
وإذا تأملتَ نصوص الصِّفات التي لا تسمح الجهمية بأن يُسمُّوها نصوصًا، فإذا احترموها قالوا: ظواهر سمعية، وقد عارضها القواطع العقلية = وجدتَها كلها من هذا الباب.
وممَّا يُقضى منه العجبُ أن كلام شيوخهم ومصنِّفيهم عندهم نصٌّ في مراده لا يحتمل التأويل، وكلام الموافقين (¬٣) عندهم نصٌّ لا يجوز تأويله، حتى إذا جاؤوا إلى كلام الله ورسوله وقَفُوه على التأويل ووقفوا التأويل عليه، فقُلْ (¬٤) ما شئتَ وحرِّف ما شئت. أفترى بيانَ هؤلاء لمرادهم أتمَّ من بيان الله ورسوله، أم كانوا مستولين على بيان الحقائق التي [ق ٢٠ أ] سكت اللهُ ورسوله عن بيانها؟! بل (¬٥) أولئك هم الجاهلون المتهوِّكون (¬٦).
---------------
(¬١) {بِالْوَادِ اِلْمُقَدَّسِ} ليس في «ح».
(¬٢) أخرجه البخاري (١١٤٥) ومسلم (٧٥٨) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬٣) «ب»: «الواقفين».
(¬٤) «ب»: «قل».
(¬٥) «بل» ليس في «ح».
(¬٦) «ح»: «المهتوكون». وقد تقدم (ص ١٠) بيان معناه.

الصفحة 177