كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وعد به، فأزال ذلك بقوله: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اَللَّهِ} [التوبة: ١١٢].
ومن ذلك قوله تعالى: {* هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ اُلْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: ١٥٩]، فلمَّا ذَكَر إتيانه سبحانه ربما توهَّمَ متوهمٌ أن المراد إتيان بعض آياته أزال هذا الوهمَ ورفع الإشكالَ بقوله: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} فصار الكلام مع هذا التقسيم والتنويع نصًّا صريحًا في معناه لا يحتمل غيره.
وإذا تأملتَ أحاديث الصِّفات رأيت هذا لائحًا [ق ٢٠ ب] على صفحاتها، باديًا على ألفاظها، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا كَمَا تُرَى الشَّمْسُ فِي (¬١) الظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ، وَكَمَا يُرَى الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ» (¬٢). وقوله: «مَا مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ (¬٣) لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، وَلَا حَاجِبٌ يَحْجُبُهُ» (¬٤). فلمَّا كان تكليم (¬٥) الملوك قد يقع بواسطة الترجمان ومن وراء الحجاب أزال هذا الوهم من الأفهام.
وكذلك الحديث الآخر (¬٦): «أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ {وَكَانَ اَللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}
---------------
(¬١) «في» ليس في «ب».
(¬٢) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه (ص ٣٢).
(¬٣) «ربه» ليس في «ب».
(¬٤) رواه البخاري، وقد تقدم تخريجه (ص ٣٨).
(¬٥) «ح»: «تكلم».
(¬٦) أخرجه أبو داود (٤٧٢٨) وابن خزيمة في «التوحيد» (٤٦، ٤٧، ٤٩، ٥٠) وابن حبان (٢٦٥) والحاكم في «المستدرك» (١/ ٢٤) واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (٦٨٨) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقال الحاكم: «حديث صحيح ولم يخرجاه». وقال اللالكائي: «وهو إسناد صحيح على شرط مسلم يلزمه إخراجه». ونقل القاضي أبو يعلى في «إبطال التأويلات» (٣١٨) عن أبي محمد الخلال قوله: «هذا حديث إسناده شرط مسلم يلزمه إخراجه في «الصحيح»، وهو حديث ليس فيه علة». وقال ابن حجر في «فتح الباري» (١٣/ ٣٧٣): «أخرجه أبو داود بسند قوي على شرط مسلم».

الصفحة 182