كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

في الشاهد مثالٌ له، فهو بعينه السبب في أنه لم يصرِّح الشرع بنفي الجسم عن (¬١) الخالق سبحانه؛ لأن الجمهور إنما يقع لهم (¬٢) التصديقُ بحكم الغائب متى كان ذلك معلومَ الوجود في الشاهد، مثل العلم بالصانع، فإنه لما كان في الشاهد شرطًا في وجوده كان شرطًا في وجود الصانع الغائب. وأمَّا متى كان الحكم الذي في الغائب غير معلوم الوجود في الشاهد عند الأكثر، ولا يعلمه إلَّا العلماء (¬٣) الراسخون، فإن الشرع يَزجُر عن طلب معرفته إن لم يكن بالجمهور حاجة إلى معرفته، مثل العلم بالنفس، أو يضرب له مثالًا من الشاهد إن كان بالجمهور حاجة إلى معرفته في سعادتهم (¬٤).
والشبهة الواقعة في نفي الجهة ـ عند الذين نفَوْها ـ ليس يتفطن الجمهور إليها، لا سيما إذا لم يصرِّح لهم بأنه (¬٥) ليس بجسمٍ، فيجب أن يمتثل في هذا كله فِعل الشرع، وأن لا يتأول ما لم يُصرِّح الشرع (¬٦) بتأويله.
والناس في هذه الأشياء في الشرع على ثلاث مراتب:
صِنفٌ لا يشعرون بالشكوك العارضة (¬٧) في هذا المعنى، وخاصة متى
---------------
(¬١) «ح»: «على».
(¬٢) «ب»: «على».
(¬٣) «العلماء» ليس في «ب».
(¬٤) من قوله: «إن كان بالجمهور» إلى هنا ليس في «ب». وفي «ح» تحرف لفظ «سعادتهم» إلى «معادتهم». وصوبته من «م» و «مناهج الأدلة» لابن رشد.
(¬٥) من قوله: «ليس يتفطن» إلى هنا ليس في «ب».
(¬٦) من قوله: «وأن لا يتأول» إلى هنا ليس في «ب».
(¬٧) «ح»: «للمعارضة».

الصفحة 192