كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

تُركت هذه الأشياء على ظاهرها في الشرع، وهؤلاء هم الأكثر، وهم الجمهور.
وصِنفٌ عرفوا حقيقة هذه الأشياء، وهم العلماء الراسخون في العلم، وهؤلاء هم الأقل من الناس.
وصِنفٌ عرضت لهم في هذه الأشياء شكوكٌ ولم يقدروا على حلها، وهؤلاء هم فوق العامة ودون العلماء، وهذا الصِّنف هم الذين يُوجد في حقهم التشابهُ في الشرع، وهم الذين ذمَّهم الله. وأمَّا عند العلماء والجمهور فليس في الشرع تشابهٌ، فعلى هذا المعنى ينبغي أن يُفهم التشابه. ومثال ما عرض لهذا الصِّنف مع الشرع مثالُ ما يعرض في خبز البُرِّ مثلًا ـ الذي هو الغذاء النافع لأكثر الأبدان ـ أن يكون لأقل الأبدان ضارًّا، وهو نافعٌ للأكثر، وكذلك التعليم الشرعي هو نافع للأكثر، وربما ضرَّ الأقل، ولهذا (¬١) الإشارة بقوله تعالى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا اَلْفَاسِقِينَ} [البقرة: ٢٥]
لكن هذا إنما يعرض في آيات الكتاب العزيز في (¬٢) الأقل منها والأقل من الناس، وأكثرُ ذلك هي الآيات التي تتضمَّن الإعلام عن أشياء في الغائب ليس لها مثال في الشاهد، فيُعبَّر (¬٣) عنها بالشاهد الذي هو أقرب الموجودات (¬٤) إليها، وأكثرها شبهًا (¬٥) بها، فيعرض لبعض الناس أن يأخذ
---------------
(¬١) في النسختين: «وبهذا». وفي «م»: «وإلى هذا». والمثبت من «مناهج الأدلة».
(¬٢) «في» ليس في «ب».
(¬٣) «ح»: «فيصير».
(¬٤) «ب»: «الوجودات».
(¬٥) «ح»: «تشبيهًا».

الصفحة 193