كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وَالْأَرْضَ بِالْيَدِ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ» (¬١). «وَأَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ فِي كَفِّهِ تَعَالَى كَخَرْدَلَةٍ فِي كَفِّ أَحَدِكُمْ (¬٢)» (¬٣). «وَأَنَّهُ يَضَعُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ» (¬٤). فأيُّ أيدٍ للخلق وأي إصبع تُشبه (¬٥) هذه اليدَ وهذه الإصبعَ حتى يكون إثباتها تشبيهًا وتمثيلًا.
فقاتَلَ اللهُ أصحابَ التحريف والتأويل، وأصحابَ التخييل، وأصحاب التجهيل (¬٦)، وأصحاب التشبيه والتمثيل. ماذا حُرِمُوه من الحقائق الإيمانية والمعارف الإلهية، وماذا تعوضوا به من زُبالة الأذهان ونُخالة الأفكار! فما أشبَهَهم بمن كان غذاؤهم المَنَّ والسَّلْوى بلا تعبٍ ولا كُلْفةٍ، فآثَروا عليه الفُومَ (¬٧) والعدس والبصل، وقد جرت عادةُ الله سبحانه أن يُذِلَّ مَن آثَرَ الأدنى على الأعلى، ويجعله عبرةً للعقلاء.
فأوَّلُ هذا الصنف إبليسُ ترَكَ السجود لآدم كِبرًا؛ فابتلاه الله بالقيادة
---------------
(¬١) تقدم تخريجه.
(¬٢) «ب»: «أحدنا».
(¬٣) لم نقف عليه مرفوعًا، وهو أثر مشهور موقوف على ابن عباس - رضي الله عنه -، وقد تقدم تخريجه.
(¬٤) أخرجه البخاري (٧٤١٤) ومسلم (٢٧٨٦) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(¬٥) «ب»: «يشبه».
(¬٦) «وأصحاب التجهيل» ليس في «ح».
(¬٧) «ح»: «الثوم». والفوم: الثُّوم، وفي قراءة عبد الله: «وثُومِها». ويقال: هو الحِنْطة. «الصحاح» (٥/ ٢٠٠٤).

الصفحة 209