كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فتأويل الرُّؤية في هذا السياق بما يخالف حقيقتَها وظاهرها في غاية الامتناع، وهو ردٌّ وتكذيبٌ تَستَّرَ صاحبُه بالتأويل.
الرابع: ما لم يُؤلَف استعمالُه في ذلك المعنى في لغة المخاطب، وإنْ أُلِفَ في الاصطلاح الحادث. وهذا موضع زلَّت فيه (¬١) أقدامُ كثيرٍ من الناس، وضلَّت فيه أفهامهم؛ حيث تأولوا كثيرًا من ألفاظ النصوص بما لم يُؤلَفِ استعمالُ اللفظ له في لغة العرب البتةَ، وإن كان معهودًا في اصطلاح المتأخرين. وهذا ممَّا ينبغي التنبُّه له؛ فإنه حصل بسببه من الكذب على الله ورسوله ما حصل.
كما تأوَّلت طائفةٌ قوله تعالى: {فَلَمَّا أَفَلَ} [الأنعام: ٧٧، ٧٨] بالحركة، وقالوا: استدلَّ بحركته على بطلان ربوبيته. ولا يُعرف في اللغة التي نزل بها القرآنُ أن الأفول هو الحركةُ البتةَ في موضعٍ واحدٍ.
وكذلك تأويل «الأحد» بأنه الذي لا يتميز منه شيءٌ عن شيءٍ البتةَ. ثم قالوا: لو كان فوق العرش [ق ٤ ب] لم يكن أحدًا. فإن تأويل الأحد بهذا المعنى لا يعرفه أحدٌ من العرب ولا أهل اللغة، ولا يُعرَف استعمالُه في لغة القوم في هذا المعنى في موضعٍ واحدٍ أصلًا، وإنما هو اصطلاح الجهمية والفلاسفة والمعتزلة ومَن وافقهم.
وكتأويل قوله: {ثُمَّ اَسْتَوَى عَلَى اَلْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٣] بأن المعنى أقبل
---------------
(¬١) زاد بعده في «ب»: «أكثر».

الصفحة 33