كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

يا تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٣]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ وَلَا حَاجِبٌ يَحْجُبُهُ» (¬١)، وقوله: «إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا» (¬٢). وهذا شأن أكثر نصوص الصِّفات إذا تأمَّلها مَن شرح الله صدره لقَبولها، وفرح بما أُنزِلَ على الرسول منها، يراها قد حُفَّت (¬٣) من القرائن والمؤكِّدات بما (¬٤) ينفي عنها تأويلَ المتأوِّل.
السابع: كل تأويلٍ يعود على أصل النصِّ بالإبطال فهو باطلٌ، كتأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ (¬٥) نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» (¬٦) بحمله على الأَمَةِ؛ فإن هذا التأويل ـ مع شدة مخالفته لظاهر اللفظ ـ يرجع على أصل النصِّ بالإبطال، وهو قوله: «فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا»، ومهرُ الأَمة إنما هو للسيد، فقالوا: نحمله على المكاتَبة. وهذا
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٧٤٤٣) ومسلم (١٠١٦) عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه -، وهذا لفظ البخاري.
(¬٢) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه.
(¬٣) بعده في «ب»: «به».
(¬٤) «ب»: «ما».
(¬٥) «ب»: «نكحت».
(¬٦) أخرجه أحمد (٢٥١٠٤) وأبو داود (٢٠٨٣) والترمذي (١١٠٢) وابن ماجه (١٨٧٩) وابن حبان (٤٠٧٤) والحاكم (٢/ ١٨٢) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، وحسَّنَه الترمذي، وصححه الحاكم وابن حبان وابن عبد الهادي في «التنقيح» (٤/ ٢٨٦) وابن الملقن في «البدر المنير» (٧/ ٥٣٣) ونقل ابن حجر في «البلوغ» (٣٧٩) عن أبي عوانة تصحيحه. وينظر «نصب الراية» للزيلعي (٣/ ١٨٤) و «موافقة الخُبر الخَبر» لابن حجر (٢/ ٢٠٥).

الصفحة 38