كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

مركَّبًا هذا التركيبَ المعهودَ أو أنه كان متفرقًا فاجتمع = فهو كذبٌ وفريةٌ وبهتٌ على الله وعلى الشرع وعلى العقل.
وإن أردتم أنه لو كان فوق عرشه لكان عاليًا على خلقه بائنًا منهم مستويًا على عرشه ليس فوقه شيءٌ = فهذا المعنى حقٌّ، وكأنك قلت: لو كان فوق العرش لكان فوق العرش، فنفيت الشيء بتغيير العبارة عنه وقَلْبِها إلى عبارةٍ أخرى. وهذا شأنكم في أكثر مطالبكم.
وإن أردت بقولك: «كان مركبًا» أنه يتميز منه شيءٌ عن شيءٍ، فقد وصفته أنت بصفاتٍ يتميز بعضها عن بعضٍ، فهل كان هذا عندك تركيبًا؟
فإن قلت: هذا لا يُقال لي، وإنما يُقال لمن أثبت شيئًا من الصِّفات، وأمَّا أنا فلا أُثبت له صفةً واحدةً فرارًا من التركيب.
قيل لك: العقل لم يدل على نفي المعنى الذي سمَّيته أنت تركيبًا. وهَبْك سمَّيته تركيبًا وقد دلَّ العقل والوحي والفِطَر على ثبوته؛ أفتنفيه لمجرد تسميتك (¬١) الباطلة؟ فإن التركيب يُطلق ويُراد به خمسة (¬٢) معانٍ:
تركيب الذَّات من الوجود والماهية عند من يجعل وجودها زائدًا على ماهيتها. فإذا نفيت هذا التركيب جعلته وجودًا مطلقًا، إنما هو في الأذهان لا وجود له في الأعيان.
الثَّاني: تركيب الماهية من الذَّات والصفات. فإذا نفيت هذا التركيب جعلته ذاتًا مجردةً عن كل وصفٍ، لا يسمع ولا يُبصر ولا يعلم ولا يقدر
---------------
(¬١) «ح»: «تسميك». والمثبت من «م».
(¬٢) «ح»: «خمس». والمثبت من «م».

الصفحة 589