كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

القطعية التي يُطلب منها اليقين. فأرضيتم بذلك إخوانكم من الملاحدة أعداء الدِّين، وكنتم بذلك لهم موافقين، فصالوا عليكم به فيما أثبتموه، وكنتم به من الإسلام وأهله متقربين، وصال عليكم المسلمون (¬١) بما وافقتم فيه إخوانكم من الضلال المبين، فتدافعكم الفريقان تدافع الكرة بين الضَّاربين.
فدعونا من التلبيس والمصانعة، بالله هل أثبتم للعالم ربًّا بائنًا عنه، وهل عندكم فوق العرش إلهٌ يُعبد، ويُصلى له ويسجد، أم ليس فوق العرش إلَّا العدم الذي لا شيء هو؟ وهل أثبتم لصانع العالم سبحانه صفةً ثبوتيةً تقوم به، فهل أثبتم له علمًا حقيقةً، وسمعًا وبصرًا، وحياة ومشيئة وإرادة حقيقةً؟ وهل تعتقدون أنه تكلم أو كلَّم أحدًا حقيقةً، أو أمر أو نهى، أو قال أو يقول، أو نادى أو يُنادي، أو أخبر أو نبَّأ أو أنبأ، أو عَهِدَ أو وصَّى، أو خاطب أو ناجى، أو أثنى على نفسه أو على أحدٍ من خلقه، أو قال قط: {إِنَّنِيَ أَنَا اَللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} [طه: ١٣] أو نزل من عنده شيءٌ، أو صعد إليه شيءٌ، أو قام به فعل البتة يجب أن (¬٢) يكون به فاعلًا، أو قام به حُبٌّ أو بغضٌ، أو رضًا أو سُخْط، أو له وجهٌ أعلى، أو خَلَقَ آدم بيديه، أو أَغرَسَ (¬٣) جنة عدنٍ بيده، أو كتب التوراة بيده (¬٤)، أو يقبض سماواته السبع بيده والأرضين السبع بيده (¬٥)، أو كتب بيده كتابًا فهو عنده موضوعٌ على العرش أن رحمته سبقت غضبه (¬٦)،
---------------
(¬١) «ح»: «المسلمين».
(¬٢) «أن» ليس في «ح».
(¬٣) كذا في «ح» وهو صحيح؛ يقال: غرس الشجر يغرسه: أثبته في الأرض، كأغرسه. «القاموس المحيط» (ص ٥٦١).
(¬٤) تقدم تخريجه.
(¬٥) تقدم تخريجه.
(¬٦) أخرجه البخاري (٣١٩٤) ومسلم (٢٧٥١) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

الصفحة 613