كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

ففيه من عداوة الله ورسوله بحسب ذلك، ومن (¬١) أحب نصوص الوحي ففيه من ولاية الله ورسوله بحسب ذلك. وأصل العداوة البغض، كما أن أصل الولاية الحب، قال عبد الله بن مسعود: «لا يسأل أحدكم عن نفسه غير القرآن؛ فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله، وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله» (¬٢).
ومن تأمَّل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ اَلْإِنسِ وَاَلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ اَلْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: ١١٣] وجده منطبقًا على هؤلاء أتمَّ انطباق، فإنهم يُوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غرورًا. والزخرف هو الكلام المُزيَّن، كما يُزيَّن الشيء بالزُّخرف، وهو الذَّهب. وهو غرورٌ (¬٣) لأنه يغرُّ المستمع، والشُّبهات المعارضة للوحي هي كلامٌ زخرفٌ يغرُّ المستمع: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ اُلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} [الأنعام: ١١٤]. فانظر إلى إصغاء (¬٤) المستجيبين لهؤلاء، ورضاهم بذلك، واقترافهم المترتب عليه، فتأمَّل.
الوجه الثَّاني والثمانون (¬٥): وهو قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اَللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهْوَ اَلَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ اُلْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: ١١٥] وهذا يُبيِّن أن الحَكَم
---------------
(¬١) «ح»: «وما».
(¬٢) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٠٩٧) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٥١) والبغوي في «مسند علي بن الجعد» (١٩٥٦) وعبد الله بن أحمد في «السنة» (١٢٥).
(¬٣) غرَّه يَغُرُّه غرورًا: خدعه. «الصحاح» (٢/ ٧٦٩).
(¬٤) أصغى يُصغي إصغاءً: إذا أمال سمعه. «جمهرة اللغة» (٢/ ٨٩٠).
(¬٥) «ح»: «والثمانين».

الصفحة 671