كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

طائفةٌ عارضته بعقولهم في الخبريات، وقدَّمت عليه العقل، فقالوا لأصحاب الوحي: لنا العقل ولكم النقل (¬١).
وطائفةٌ عارضته بآرائهم وقياساتهم، فقالوا لأهل الحديث: لكم الحديث ولنا الرَّأي [ق ٧٢ ب] والقياس.
وطائفةٌ عارضته بحقائقهم وأذواقهم، وقالوا: لكم الشريعة ولنا الحقيقة.
وطائفةٌ عارضته بسياساتهم وتدبيرهم، فقالوا: أنتم أصحاب الشريعة ونحن أصحاب السياسة.
وطائفةٌ عارضته بالتأويل الباطن، فقالوا (¬٢): أنتم أصحاب الظَّاهر ونحن أصحاب الباطن.
ثم إن كل طائفةٍ من هذه الطوائف لا ضابط لما تأتي به من ذلك، بل ما تأتي به تبعٌ (¬٣) لأهوائها؛ كما قال تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاَعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص: ٥٠] وقال: {وَأَنِ اِحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اَللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: ٥١] فما هو إلَّا الوحي أو الهوى (¬٤)، كما قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ اِلْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى} [النجم: ٣ - ٤] فجعل النُّطق نوعين: نطقًا عن الوحي، ونطقًا عن الهوى.
ثم إذا رُدَّ على كلٍّ من هؤلاء باطله رجع إلى طاغوته، وقال: في العقل ما
---------------
(¬١) «ح»: «لنا النقل ولكم العقل». وهو مقلوب.
(¬٢) «ح»: «فقال».
(¬٣) «ح»: «تتبع».
(¬٤) «ح»: «الوحي».

الصفحة 678