كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وإنما أنكر عليه عبادة مقابلته لما رواه بهذا الرَّأي. ولو قال له: نعم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرَّأس والعين (¬١) ولا يجوز مخالفته بوجهٍ، ولكن هذه الصورة لا تدخل في لفظه؛ فإنه إنما قال: «الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ»، وهذه الزيادة ليست في مقابلة الفضة، وإنما هي في مقابلة الصنعة، ولا تذهب الصنعة هدرًا (¬٢) = لما أنكر عليه عبادة، فإن هذا من تمام فهم النصوص وبيان ما أُريد بها.
كما أنه هو (¬٣) ومعاذ بن جبل (¬٤) وغيرهما من الصَّحابة لمَّا وَرَّثوا المسلم من الكافر ولم يورثوا الكافر من المسلم، لم (¬٥) يعارضوا قوله: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» (¬٦) بآرائهم وعقولهم، بل قيَّدوا مطلق هذا اللفظ، أو خصُّوا عمومه، وظنُّوا أن المراد به الحربي، كما فعل ذلك بعض الفقهاء بقوله: «لا يُقتل مسلمٌ بكافرٍ» (¬٧) حيث حملوه على الحربي دون الذِّمي والمعاهد. والصَّحابة في ذلك التقييد والتخصيص أعذر
---------------
(¬١) «ح»: «والعينين». والمثبت من «م».
(¬٢) «جواز بيع المصوغ من الذهب بالذهب والمصوغ من الفضة بالفضة من غير اشتراط تماثل، وجعل الزائد في مقابلة الصنعة». هذا اختيار شيخَيِ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم، ينظر: «العقود الدرية» (ص ٣٩١) و «الفروع» لابن مفلح (٦/ ٢٩٤) و «اختيارات شيخ الإسلام» للبعلي (ص ١٨٨) و «أعلام الموقعين» (٣/ ٤٠٩ - ٤١٠).
(¬٣) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣٢١٠٢).
(¬٤) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣٢١٠١).
(¬٥) «ح»، «م»: «ولم». وهو جواب «لمَّا» فيما يظهر.
(¬٦) أخرجه البخاري (٦٧٦٤) ومسلم (١٦١٤) عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -.
(¬٧) أخرجه البخاري (١١١) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.

الصفحة 685