كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وإنه لَيعلو وما يُعلى، وما يشبه كلام البشر» (¬١).
ولم يَدَّعِ أعداءُ الرسول الذين جاهروه بالمحاربة والعداوة أن ظاهر كلامه أبطلُ الباطل وأبينُ المحال، وهو (¬٢) وصف الخالق سبحانه بأقبحِ الهيئات والصور. ولو كان ذلك ظاهر القرآن لَكان ذلك من أقرب الطرق لهم إلى الطعن فيه، وقالوا: كيف تدعونا إلى عبادة ربٍّ له وجهٌ عليه عيون كثيرة وجَنْبٌ واحد، وساق واحد، وأيدٍ كثيرة؟ فكيف كانوا يسكتون له على ذلك، وهم يُورِدُون عليه ما هو أقل من هذا بكثيرٍ، كما أوردوا عليه المسيح لما قال (¬٣): {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اِللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: ٩٧] فتعلقوا (¬٤) بظاهر ما لم يدل على ما أوردوه، وهو دخول المسيح فيما عُبِدَ من دون الله، إمَّا بعموم (¬٥) لفظ «ما»، وإمَّا بعموم المعنى، فأوردوا على هذا الظاهر هذا الإيرادَ.
---------------
(¬١) قاله الوليد بن المغيرة، أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٢/ ٥٠٦) والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٣٣) وفي «دلائل النبوة» (٢/ ١٩٨) والواحدي في «أسباب النزول» (٤٣٦) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن الوليد.
ورواه عبد الرزاق في «التفسير» (٢/ ٣٢٨) والطبري في «التفسير» (٢٣/ ٤٢٩) عن عكرمة عن الوليد بن المغيرة مرسلًا لم يذكر ابن عباس.
(¬٢) «هو» ليس في «ح».
(¬٣) «ح»: «قالوا».
(¬٤) «ب»: «فتعقلوا».
(¬٥) «ب»: «لعموم».

الصفحة 75