كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

التلبيس والتدليس! فلو قال واحدٌ من الناس هذا لم يكن ظاهر كلامه ذلك، فكيف يكون ظاهر أفصح الكلام (¬١) وأبينه ذلك؟
الخامس: أن المفرد المضاف يُراد به ما هو أكثر من واحدٍ، كقوله:
{وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اَللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨] وقوله: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكِتَابِهِ (¬٢)} [التحريم: ١٢] وقوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٦]. فلو كان الجنب والساق صفةً لكان بمنزلة قوله: {بِيَدِهِ اِلْمُلْكُ} [الملك: ١] و {بِيَدِكَ اَلْخَيْرُ} (¬٣) [آل عمران: ٢٦] و {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِيَ} [طه: ٣٩].
السادس: أن يقال: من أين في ظاهر القرآن إثبات جنبٍ واحدٍ هو صفة الله؟ ومن المعلوم أن هذا لا يُثبِته أحدٌ من بني آدم، وأعظم الناس إثباتًا للصفات هم أهل السُّنَّة والحديث، الذين يثبتون لله الصِّفات الخبرية،
---------------
(¬١) بعده في «ح»: «هذا لم يكن».
(¬٢) قرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم وخارجة عن نافع {وكُتُبِهِ} جماعة، وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم ـ في رواية أبي بكر ـ وحمزة والكسائي {وَكِتَابِهِ} واحدًا. حُجة مَن قال: {وكتبه} فجمع، أنه موضع جمع، ألا ترى أنها قد صدَّقتْ بجميع كُتب اللَّه، فمعنى الجمع لائق بالموضع حسن. ومَن قال: {كتابه} أراد الكثرة والشياع، وقد يجيء ذلك في الأسماء المضافة، كما جاء في المفردة التي بالألف واللام، قال: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اَللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: ٣٦]، فكما أن المراد بنعمة اللَّه الكثرة، كذلك في قوله: {وكتابه}. قاله أبو علي الفارسي في «الحجة للقراء السبعة» (٦/ ٣٠٤).
(¬٣) قدمها في «ب» على قوله: {بِيَدِهِ اِلْمُلْكُ}.

الصفحة 79