كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ولا يقولون إن لله جنبًا واحدًا ولا (¬١) ساقًا واحدةً.
قال عثمان بن سعيد الدارمي في «نقضه على المريسي» (¬٢): «وادَّعى المُعارِض زُورًا على قوم أنهم يقولون في تفسير قول الله: {يَاحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اِللَّهِ} [الزمر: ٥٣] إنهم يعنون بذلك (¬٣) الجنب الذي هو العضو، وليس ذلك على ما يتوهمونه».
قال الدَّارمي: «فيقال لهذا المعارِض: ما أرخصَ الكذبَ عندك وأخفَّه على لسانك! فإن كنتَ صادقًا في دعواك فأشِرْ بها إلى أحدٍ من بني آدم قاله، وإلَّا فلِمَ تُشنِّع بالكذب على قومٍ هم أعلم بهذا التفسير منك، وأبصرُ بتأويل كتاب الله منك ومن إمامك؟ إنما تفسيرها عندهم تحسر الكفار على ما فرطوا في الإيمان والفضائل التي تدعو إلى ذات الله، واختاروا عليها الكفرَ والسخرية بأولياء الله فسمَّاهم الساخرين. فهذا تفسير الجَنْب عندهم، فمن أنبأك أنهم قالوا جَنْبٌ من الجنوب؟ فإنه لا يجهل هذا المعنى كثيرٌ من عوامِّ المسلمين، فضلًا عن علمائهم. وقد قال أبو بكر الصدِّيق - رضي الله عنه -: «الكذب مجانِبٌ للإيمان» (¬٤). وقال ابن مسعود: «لا يجوز من الكذب جدٌّ ولا هزلٌ» (¬٥).
---------------
(¬١) «لا» ليس في «ب».
(¬٢) «نقض عثمان بن سعيد على المريسي» (٢/ ٨٠٧).
(¬٣) «بذلك» ليس في «ح».
(¬٤) أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (١٧) والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٠/ ١٩٦) والضياء في «المختارة» (١/ ١٤٥). وقال البيهقي: هذا موقوف، وهو الصحيح، وقد روي مرفوعًا. وينظر «المقاصد الحسنة» للسخاوي (٧٩٦).
(¬٥) أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (٣٩٧٣) وسعيد بن منصور في «التفسير» (١٠٤٧) وابن أبي شيبة في «المصنف» (٢٦١١٤). ورواه الحاكم في «المستدرك» (١/ ١٢٧) مرفوعًا، وقال: «إنما تواترت الرواياتُ بتوقيف أكثر هذه الكلمات».

الصفحة 80