كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وأيضًا فهناك تحدث الشدة وتشتدُّ لا تُزَال إلَّا (¬١) بدخول الجنة، وهناك لا يُدعَوْن إلى السجود، وإنما يُدعَوْن إليه أشد ما كانت الشدة.
التاسع: أنَّ دعوى الجهمي أنَّ ظاهر القرآن يدلُّ على أنَّ لله سبحانه أيديًا كثيرةً على جنبٍ واحدٍ، وأعينًا كثيرةً على وجهٍ واحدٍ، عضهٌ للقرآن وتنقُّصٌ له وذمٌّ، ولا يدل ظاهر القرآن ولا باطنه على ذلك بوجهٍ ما، ولا فَهِمَه مَن له عقلٌ. ولو كان ذلك ظاهر القرآن لكان المخبِر به مُنفِّرًا للمدعوين عن الإيمان بالله ورسوله، ومُطَرِّقًا (¬٢) لهم إلى (¬٣) الطعن عليه. والله سبحانه قال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤]، وقال: {وَاَصْنَعِ اِلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: ٣٧]، وقال: {وَاَصْبِر لِّحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: ٤٦]، وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا (¬٤) أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم ممَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: ٧٠]، وقال في قصة موسى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِيَ} [طه: ٣٩] فذكر العين المفردة مضافةً إلى الضمير المفرد، والأعينَ مجموعةً مضافةً إلى ضمير الجمع.
وذِكرُ العين مفردةً لا يدل على أنها عينٌ واحدةٌ، ليس إلَّا كما يقول القائل: أفعل هذا على عيني، وأجيئك على عيني؛ وأحمله على عيني. ولا يريد به أن له عينًا واحدةً، فلو فهم أحدٌ هذا من (¬٥) ظاهر كلام المخلوق
---------------
(¬١) «ب»: «إنما تزال».
(¬٢) طرَّق له: إذا جعل له طريقًا، ويقال: طرَّق طريقًا: إذا سهَّله حتى طرقه الناس بسيرهم. «تاج العروس» (٢٦/ ٨٠).
(¬٣) «إلى» ليس في «ب».
(¬٤) «أو لم يروا». في «ح»: «وآية لهم». أدخل آيةً في آية.
(¬٥) «من». سقط من «ب».

الصفحة 84