كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

بأضدادها من العيوب والنقائص. فما سوَّى اللهُ ولا رسوله ولا عقلاء عباده بين مَن نفى كمالَه المقدس حذَرًا من التجسيم، وبين مَن أثبت كمالَه الأعظم وصفاته العلى بلوازم ذلك كائنةً ما كانت.
فلو فرضنا في الأُمة مَن يقول: له سمعٌ كسمع المخلوق وبصرٌ كبصره لكان أدنى إلى الحقِّ ممَّن يقول: لا سمعَ له ولا بصرَ.
ولو فرضنا في الأُمة مَن يقول: إنه متحيِّزٌ على عرشه تحيط به الحدودُ والجهات، لَكان أقرب إلى الصواب مِن قول (¬١) مَن يقول: ليس فوق العرش إلهٌ يُعبَد، ولا ربٌّ يُصلى له (¬٢) ويُسجَد، ولا تُرفَع إليه الأيدي، ولا ينزل مِن عنده شيءٌ ولا يَصعد إليه شيءٌ، ولا هو فوق خلقِه ولا مُحايِثهم ولا مُبايِنهم.
ولو فرضنا في الأُمة مَن يقول: إنه يتكلم كما يتكلم الآدمي، وإن (¬٣) كلامه بآلاتٍ وأدوات تُشبِه آلات الآدميين وأدواتهم، لَكان خيرًا ممَّن يقول: إنه ما تكلَّم ولا يتكلَّمُ، ولا قال ولا يقول، ولا يقوم به كلامٌ البتةَ. فإن هذا القائل يُشبِّهه بالأحجار والجمادات التي لا تَعقِل، وذلك المشبِّه وصفه بصفات الأحياء الناطقين.
وكذلك لو فرضنا في الأُمة مَن يقول: له يدانِ كأيدينا، لَكان خيرًا ممَّن يقول: ليس له يدان. فإن هذا معطِّلٌ مكذِّبٌ لله رادٌّ على الله ورسوله، وذلك المشبِّه غالطٌ مخطئٌ في فَهْمه. فالمُشبِّه على زعمكم (¬٤) الكاذبِ لم يُشبِّهْه
---------------
(¬١) «من قول» سقط من «ب».
(¬٢) «له» سقط من «ب».
(¬٣) بعد في «ح»: «كان». وهي زائدة.
(¬٤) «ح»: «زعمهم».

الصفحة 89