كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فيقولون: لسانهما وقلبهما وظهرهما. وتارةً يُثنُّونه، كقوله (¬١):
ظَهْرَاهُما مِثْلُ ظُهُورِ التُّرْسَينْ
والقرآن إنما نزل بلغة العرب، لا بلغة العجم [ق ١٠ ب] والطماطم (¬٢) والأنباط الذين أفسدوا الدِّين، وتلاعبوا بالنصوص، وانتهكوا حرماتها، وجعلوها عرضةً لتأويل الجاهلين وانتحال المبطِلين. وإذا كان من لغتهم وضْعُ الجمع موضعَ التثنية لئلَّا يجمعوا في لفظٍ واحدٍ بين تثنيتينِ، ولا لبسَ هناك، فلَأنْ يُوضَع الجمع موضعَ التثنية فيما إذا كان المضاف إليه مجموعًا أولى بالجواز. يدل عليه أنك لا تكاد تجد في كلامهم: عَيْنَيْنا ويدينا ونحو ذلك. ولا يلتبس (¬٣) على السامع قول المتكلم: نراك بأعيننا، ونأخذك بأيدينا ونحو ذلك. ولا يفهم منه بشرٌ على وجه الأرض عيونًا كثيرةً على وجهٍ واحدٍ، وأيديًا متعددة على بدنٍ واحدٍ، فهل قَدَرَ القرآنَ حقَّ قدْرِه مَن زعم أن هذا ظاهره؟!
---------------
(¬١) هو خطام المجاشعي، نسبه له سيبويه في «الكتاب» (٢/ ٤٨) وابن منظور في «لسان العرب» (٢/ ٨٩)، ونسبه سيبويه في «الكتاب» (٣/ ٦٢٢) لهميان بن قحافة، قال البغدادي في «خزانة الأدب» (٧/ ٥٤٨): «والصحيح أن هذين البيتين من رجز لخطام المجاشعي، وهو شاعر إسلامي، لا لهميان بن قحافة». وقد جمع فيه بين اللغتين تثنية المضاف إلى المثنى وجمعه، فإنه أتى بتثنية المضاف في «ظهراهما»، وبجمعه في «ظهور الترسين».
(¬٢) رجل طِمطم وطِمطمي ـ بكسرهما ـ وطُمطماني ـ بالضم ـ أي: في لسانه عجمة لا يُفصح. «تاج العروس» (٣٣/ ٢٦).
(¬٣) «ح»: «يلبس».

الصفحة 91