كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)
(٤) عرض موجز لموضوعات الكتاب
بدأه الإمام ابن القيِّم بمقدمةٍ رائقةٍ حمد الله تعالى فيها، وشهد لله تعالى بالوحدانية، وأنه موصوف بصفات الجلال، ومنعوت بنعوت الكمال، وشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحُجته على عباده، بعثه اللهُ وأهلُ الأرض أحوجُ إلى رسالته من غيث السماء، ومن نور الشمس الذي يُذهِب عنهم حَنَادِسَ الظَّلماء، فحاجتهم إلى رسالته فوق جميع الحاجات، وضرورتهم إليها مقدَّمة على جميع الضرورات؛ فإنه لا حياةَ للقلوب ولا نعيم ولا لذة ولا سرور ولا أمان ولا طمأنينة إلَّا بأن تَعْرِفَ ربها ومعبودها وفاطرها بأسمائه وصفاته وأفعاله، ويكون أحبَّ إليها ممَّا سواه، ويكون سعيُها في ما يقرِّبها إليه ويُدنِيها من مرضاته، ومن المحال أن تستقل العقول البشرية بمعرفة ذلك وإدراكه على التفصيل؛ فأساسُ دعوة الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم- معرفةُ الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله.
ثم ختمها بسؤال نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو: «كيف يكون هؤلاء المحجوبون المنقوصون الحيارى المتهوِّكون أعلمَ بالله وصفاته وأسمائه وآياته من السابقين الأوَّلِين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ورثةِ الأنبياء وخلفاءِ الرُّسل، ومصابيح الدُّجى وأعلام الهُدى، الذين بهم قام الكتابُ وبه قاموا، وبهم نطق الكتابُ وبه نطقوا، الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء، وأحاطوا من حقائق المعارف بما لو جُمعت حكمةُ مَن عداهم وعلومهم إليه لاستحى مَن يطلب المقابلة! ثم كيف يكون أفراخُ المتفلسفة وأتباع الهند واليونان
الصفحة 17
78