كتاب سحر البلاغة وسر البراعة

حسن الافصاح عن الشكر والثناء
شكره شكر الأسير لمن أطلقه، والمملوك لمن أعتقه. شكره شكر البلد القفر، لألمامة القطر. أثنى عليه ثناء الروض الممحل، على الغيث المسبل. أثنى عليه ثناء لسان الزهر، على راحة المطر. أثنى عليه ثناء العطشان الوارد، على الزلال البارد. شكره شكر الروض للديم، وزهير لهرم. بسط لسان الثناء والدعاء، وبلغ عنان الشكر عنان السماء. شكراً ترتاح له المكارم، وتهتز له المواسم. لأشكرنه شكراً تتسع أنواعه، وتنبسط أبواعه، ويلذ ذكره وسماعه. شكر ملء القلب واللسان، وكشكر حسان لآل غسان. أطال عنان الشكر وفسح مجاله، ورفع أعمدته، ومد أروقته. شكر كأنفاس الأحباب أو أنفاس الأسحار، بل أنفاس الرياض غب الأمطار. فلان يتلو فضائلك تلاوة القرآن، ويسرد محامدك سرد الفرقان.
دلالة الحال على ما وراءها
لو سكت الشاكر، لنطقت المآثر، ولو صمت المخاطب، لأثنت الحقائب. لقد شهدت شواهد حاله، على صدق مقاله، أما تفضله فقد نطقت به جوارحي، ولوسكت لأثنيت حقائبي، لئن جحدت ما أولانيه، وكندت ما أعطانيه، نطقت آثاره أياديه علي، ولمعت أعلام عوارفه لدي. جوارحي انطق بالشكر من ألسنة خطباء إياد، وشعراء مراد.
أدعية تليق بهذه الأحوال بهذا الباب
أطال الله له البقاء، كطول يده بالعطاء، ومد له في العمر، كامتداد ظله على الحر. أدام الله له المواهب، كما أفاض به الرغائب، وحرس لديه الفواضل، كما عوذ به البر الشامل. تولى الله عني مكافاته، وأعان على الخير نياته، وأصحب بقاءه عزاً يبسط يديه لأوليائه، وعلى أعدائه، وكلأه تذب عن ودائع مننه عنده،

الصفحة 72