كتاب صفات رب العالمين - ابن المحب الصامت - ناقص (اسم الجزء: 2)
الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ - عز وجل - أَوْ ضَحِكَ - مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عز وجل -: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] (¬١).
وجه الدلالة من الحديث:
الضَّحك هنا معناه: الرَّحمة والرضا.
قال الخطابيُّ: تأويله على معنى الرِّضا أشبه وأقرب، وذلك أن الضحك من الكرام يدل على الرضا والاستهلال منهم مقدمة إنجاح الطلبة وقبول الوسيلة. والأجواد يوصفون عند المسألة بالبشر وحسن اللِّقاء (¬٢).
مناقشة:
- الأول: ليس في إثبات الضَّحك تشبيه لله تعالى بالمخلوقات، حيث التَّشبيه الممتنع على الله أن يشارك المخلوقات في شيء من خصائصها، وأن يكون مماثلاً لها في شيء من صفاته، كالحياة والعلم والقدرة؛ فإنَّه وإن وصف بها فلا تماثل صفة الخالق صفة المخلوق، كالحدوث والموت والفناء والإمكان (¬٣).
- الثاني: الصَّحابة - رضي الله عنهم - كانوا يسألون النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عمَّا يُشْكِلُ عليهم من الصِّفات، فيُجيبهم بتقريرها، لا بالمجاز والتَّأويل الباطل (¬٤).
- الثالث: قال ابن القيِّم: من تأوَّل الضَّحك بالرضا، والرضا بالإرادة، إنَّما فرَّ من صفة إلى صفة، فهلا أقر النُّصوص على ما هي عليه ولم ينتهك حرمته؟ فإنَّ المتأول إمَّا أن يذكر معنى ثبوتيًّا، أو يتأوَّل اللَّفظ بما هو عدم محض، فإنَّ تأوُّله بمعنى ثبوتيٍّ كَائِنٌ لَزِمَهُ فيه نظير ما فرَّ منه (¬٥).
_________
(¬١) صحيح البخاري (٤٨٨٩).
(¬٢) أعلام الحديث، الخطابي (٣/ ١٩٢٢)
(¬٣) الرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال، لابن تيمية (ص ٥٦).
(¬٤) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم، اختصره: محمد البعلي (ص ٥٣٩).
(¬٥) الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (١/ ٢٣٦).
الصفحة 102
851