كتاب صفات رب العالمين - ابن المحب الصامت - ناقص (اسم الجزء: 2)

ونُسب إلى بعض السلف: أنَّ المقصود بنزول الله تعالى نزول أمره ورحمته.
روي هذا القول عن الإمام مالك، والإمام أحمد (¬١)، والأوزاعي (¬٢)، والقاضي عياض (¬٣).
قال ابن عبد البر: «وقد قال قوم من أهل الأثر أيضاً: إنَّه ينزل أمره، وتنزل رحمته. وَرُوِيَ ذلك عن حبيب كاتب ملك وغيره (¬٤).
وقال ابن فُورَك (¬٥): روي لنا عن الأوزاعي -رحمه الله- أنه سئل عن هذا الخبر فقال: "يفعل ما يشاء". وهذا إشارة منه إلى أن ذلك فعل يظهر منه عز ذكره" (¬٦).

أدلة القول الأول:
• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ (¬٧).

وجه الدلالة من الحديث:
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: رُوِّينَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَسُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَمَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ فِي الْأَحَادِيثِ فِي الصِّفَاتِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ قَالُوا: «أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ» (¬٨).
_________
(¬١) التمهيد لابن عبد البر (٧/ ١٤٣)، مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١٦/ ٤٠٤)، مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم (ص ٤٧٤).
(¬٢) شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، أبو عمرو، كان مولده في حياة الصحابة - رضي الله عنهم -، توفي سنة ١٥٧ هـ. سير أعلام النبلاء (٧/ ١٠٧).
(¬٣) مشكل الحديث وبيانه، لابن فورك (ص ٢٠٥)، إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (٣/ ١٠٩).
(¬٤) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، لابن عبد البر (٧/ ١٤٣).
(¬٥) مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ فُورَكَ الأَصْبَهَانِيّ. كَانَ أَشْعَريّاً، رَأْساً فِي فَنِّ الكَلَام، أَخَذَ عَن أَبِي الحَسَنِ البَاهِلِيّ صَاحِبِ الأَشْعَرِيّ، توفي سنة (٤٠٦ هـ). سير أعلام النبلاء (١٧/ ٢١٦).
(¬٦) مشكل الحديث وبيانه، لابن فورك (ص ٢٠٥).
(¬٧) أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل (٢/ ٥٣) (١١٤٥).
(¬٨) جامع بيان العلم (١٨٠٢) تحريم النظر في كتب الكلام، لابن قدامة (ص ٣٨) العرش للذهبي (١٧٢).

الصفحة 42